آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 9:08 م

يوم في حياة أم سعودية ”عاطلة عن العمل“ «3»

المهندس عيسى المزعل *

أنا، أم محمد، السيدة الأولى لمنزلنا العامر قررت ما هو آت:

اولا: يسرح سائق العائلة فورا، وتتسلم السيدة أم محمد مهام وظيفته.

ثانيا: يستغنى عن العاملة المنزلية خلال أسبوع وتقوم السيدة أم محمد مؤقتا بمهام وظيفتها.

ثالثا: تتسلم السيدة أم محمد حقيبة وزارة المالية في كامل تراب منزلها، وحقيبة المواصلات، وحقيبة صحة البيئة المنزلية، هذا،،، علاوة على الداخلية طبعا.

كان هناك إعتراضٌ من الجميع، وبالخصوص من زوجها. كان رافضا لفكرة أن تبقى حبيسة المنزل، وهي المتميزة في كل شيء، كما يقول، وبعد الجهد العظيم الذي بذلته في الدراسة الجامعية.

”أنا فعلا حبيسة المنزل منذ ستة اشهر، ألم تلاحظ“. كان ردها على اعتراضه.

”سأجرب الوضع الجديد لمدة عام، وبعدها…لكل حادثٍ حديث.“

تضحك أم محمد في داخلها عندما تتذكر قراراتها…

الا ان المضحك المبكي فعلا هو انها ومع كل هذه المسؤليات الا أن البعض لازال يطلق عليها صفة:

ربة بيت «عاطلة عن العمل».

إنتهت من غسيل سيارتها. دفعت 47,25 ريالا، شاملًا الضريبة المضافة ببطاقة بنكية خصصتها للمصاريف النثرية، ثم إتجهت نحو محطة الوقود. إختارت الخدمة الكاملة، وطلبت من العامل ان يفحص الزيت وضغط الهواء في إطارات سيارتها.

”كل شيء على ما يرام سيدة ام محمد“: ابلغها الشاب السعودي بتهذيب بالغ.

”يعطيك العافية، بني سعيد. ارجو ان تملأ خزان الوقود بمبلغ 90 ريالا“

. ”هل من جديد في بحثك عن وظيفة؟“: سألته باهتمام، وهي تنتظرإمتلاء الخزان.

”لا زال البحث جاريا…“. أجابها مبتسما.

”واصل السعي. لا تفقد الأمل ابدا. امكاناتك اكبر من وظيفتك الحالية“.

”ليس أمامي خيار بديل“، أجاب سعيد بنصف ابتسامة هذه المرة.

ملأ سعيد الخزان. ودفعت له التكلفة 94,5 ريالًا بذات البطاقة.

شكرته وأعطته 10 ريالات اكرامية.

شكرها سعيد بأدب جم، ووضع المبلغ في جيب قميصه العلوي بحرص.

تحركت بسيارتها، وهي تفكر بأسى في حال سعيد. شاب جامعي، ينتهي به الأمر عاملًا في محطة وقود.

”هو افضل من الإنتظار بلا عمل“.. كان شرح سعيد لمبررات قبوله بهذه الوظيفة المؤقتة.

هي ايضا مرت بذات الظروف، عُرضت عليها وظائف لا تتناسب مع طموحاتها، او خلفيتها الدراسية. رفضتها جميعا. اعتزازها بنفسها وبقدراتها منعها من القبول بتلك الوظائف الهامشية.

ولكن، ماذا عن المستقبل، ماذا سيحدث بعد عام، بل كيف تكون الأوضاع عندما يتخرج محمد من الجامعة بعد خمس سنوات بإذن الله؟.

يتبع،،،،،،،،