آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:02 ص

غصن الزيتون.. الخيارات المفتوحة

محمد أحمد التاروتي *

بالرغم من مرور 40 يوما، على إطلاق انقرة معركة غصن الزيتون، للقضاء على قوات حماية الشعب الكردي، في مدينة عفرين، فان الغموض ما يزال يلف مستقبل المعركة العسكرية، نظرا للتقدم البطيء للجيش التركي، والجماعات المسلحة، التي تدعمها، الامر الذي يؤشر الى المصاعب الكبيرة، التي تواجه القوات التركية في بسط نفوذها، على مساحات واسعة، نتيجة المقاومة الشديدة لدى قوات حماية الشعب الكردي، مما يعني ان العملية الخاطفة للدخول الى مدينة عفرين، أصبحت بعيدة المنال - على الأقل وفقا للمعطيات الحالية -.

الاتفاق بين الجماعة الكردية مع النظام، لدخول القوات الشعبية للدخول لمدينة عفرين، للوقوف الى جانب القوات الكردية، للدفاع عن المدينة، لإيقاف الهجوم التركي المتوقع، يشكل منعطفا جديدا في مسار العملية العسكرية، مما يؤسس لمرحلة جديدة مغايرة تماما، للفترة التي سبقت إطلاق عملية غصن الزيتون، اذ يسهم الاتفاق لعودة الحكومة السورية للمنطقة، بواسطة القوات الشعبية الموالية لها، وبالتالي فان العملية التركية دفعت الأكراد للتفكير مليا، في مساعيها لتشكيل كيان مستقل، يتمتع باستقلالية، وغير خاضع، لسيادة السلطة المركزية في دمشق.

يمثل الترحيب التركي الحذر، بدخول القوات الشعبية الى عفرين، بمثابة مناورة سياسية، خصوصا وان انقرة قالت ان دخول القوات الشعبية، لمساندة قوات حماية الشعب الكردي، يعرضها لخطر الإبادة، فيما ستكون محل ترحيب، في حال تحركها للقضاء، على الجماعات الكردية الإرهابية - حسب تعبيرها -، مما يعني ان الموقف التركي من دخول القوات الشعبية، حمل اكثر من رسالة، وبالتالي فان الانزعاج التركي من الاتفاق الكردي، مع دمشق تعاطت معه بطريقة دبلوماسية، في محاولة لإمساك العصا من الوسط.

التكهن بسير عملية غصن الزيتون، امر بالغ الأهمية في المرحلة الراهنة، خصوصا في ظل استمرار الموقف التركي المتصلب، لاستمرار العملية العسكرية حتى النهاية، مما يعني ان الجهود السياسية، التي تنشط في العديد من العواصم، ما تزال غير قادرة على إيجاد مخرج، لإيقاف الهجوم العسكري التركي، بمعنى اخر، فان انقرة تراهن على الزمن، في كسر إرادة المقاومة الكردية، لاسيما وان الأسابيع الماضية سجلت صمودا ملحوظا، لدى الأكراد في مواجهة الجيش التركي، وكذلك مقاومة الجماعات المسلحة المدعومة من انقرة، وبالتالي فان الحل السياسي ما يزال غير مطروح، حتى الوقت الراهن.

اصرار تركيا على انهاء الوجود العسكري، لقوات حماية الشعب الكردي، يمثل مطلبا أساسيا، في جميع التحركات السياسية، فالحكومة التركية ترفض جميع الحلول السلمية، الداعية لإيقاف عملية غصن الزيتون، دون انهاء السيطرة العسكرية الكردية، على مساحات واسعة، من الاراضي السورية، فالوجود العسكري الكردي، يشكل تهديدا كبيرا، على الامن القومي التركي - وفقا للحكومة التركية -.

المراهنة على الزمن سلاح ذو حدين، فالمستنقع السوري قد يخلق مشاكل كبيرة للحكومة التركية، مما يفرض عليها التفكير في إيجاد مخرج مشرف، لإنهاء عملية غصن الزيتون، لاسيما وان استمرار العملية العسكرية، يستنزف الخزينة التركية، ويزيد من مخاطر، سقوط المزيد من الجنود الأتراك، مما يشكل ضغوطا على الحكومة التركية في الداخل، بخلاف الضغوط الخارجية، التي بدأت تتزايد في الآونة الاخيرة، على خلفية الاتهامات، باستخدام الأسلحة الكيماوية، على المناطق الكردية.

كاتب صحفي