آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 11:28 م

الأزمة السورية.. حرب النفوذ

محمد أحمد التاروتي *

دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة، من صراع النفوذ الدائر منذ اكثر من 7 سنوات، بين الاطراف اللاعبة على الساحة، اذ تمثل سيطرة القوات التركية على مدينة عفرين، واجزاء واسعة من الشمال السوري، منعطفا جديدا على خط الأزمة، التي دخلت عامها الثامن، خصوصا وان الانخراط التركي المباشر في الاراضي السورية، ينهي سنوات من الحروب بالوكالة، التي مارستها العديد من الدول، عبر تحريك بعض الجماعات المسلحة الموالية لها.

دخول القوات التركية، بمساعدة الجماعات المسلحة لها، الى مدينة عفرين بعد معارك طاحنة مع الأكراد ”قوات سوريا الديمقراطية“، يجعلها رقما جديدا، ومؤثرا على الساحة السورية، لاسيما وان الخسائر التي لحقت بداعش، المدعومة بشكل مباشر، او غير مباشر من انقرة، دفعت تركيا للبحث عن بدائل اخرى، نظرا لافتقادها بعض الاوراق السياسية، التي كانت تمتلكها منذ اندلاع الأزمة السورية، وبالتالي فان استيلاء القوات التركية، على مساحات واسعة، من شمال السوري، يؤهلها لممارسة ضغوط على الدول اللاعبة، وعدم تجاهلها في الحلول السياسية، في المرحلة القادمة.

استخدمت انقرة طرد الجماعات الإرهابية «الأكراد»، كغطاء لتمرير مخططها، لتوسيع نفوذها على الارض، خصوصا وان المحاولات السابقة، لايجاد حزام آمن في الشمال السوري، باءت بالفشل نتيجة رفض ادارة اوباما السابقة، وكذلك بسبب التحولات السياسية الاقليمية، مما دفعها لانتهاج سياسة جديدة، تتمثل في فرض الامر الواقع، عبر دعاوى طرد قوات سوريا الديمقراطية، من الشمال السوري، لما تمثله من تهديد للامن القومي التركي.

تحاول تركيا استخدام الورقة الكردية لبسط نفوذها، مما يعرقل استبعادها من الطبخات السياسية، الساعية لإنهاء الصراع القائم في سوريا، خصوصا وان التطورات العسكرية، والمستجدات على الساحة السياسية الاقليمية، ساهمت في انحسار نفوذ بعض الدول الاقليمية، التي لعبت دورا كبيرا في تحريك بعض القوى السياسية، والجماعات المسلحة، نظرا لعدم قدرة تلك الجماعات، على تحقيق الاهداف المرسومة لها، وبالتالي فان التغيير الكبير لدى الحكومة التركية، مرتبط بالخشية من استمرار فقدانها، المزيد من الاوراق السياسية، على الساحة السورية.

تدرك انقرة الدور الكبير لروسيا، منذ تدخلها العسكري المباشر، وتغيير ميزان القوى لصالح دمشق، على حساب الجماعات المسلحة، مما أدى لاستعادة اجزاء واسعة من الاراضي، التي كانت تحت سيطرة تلك الجماعات، ولعل اخرها استعادة الجزء الأكبر من الغوطة الشرقية، للعاصمة دمشق، وبالتالي فان انقرة تحاول إيجاد موطئ قدم، يساعدها على الحصول على المكاسب، لاسيما في ظل التفاهم الروسي - الإيراني - التركي، لتحريك الحلول السياسية.

بالاضافة لذلك فان الخلافات السياسية، بين تركيا وأمريكا، على خلفية دعم الولايات المتحدة العسكري، لقوات سوريا الديمقراطية، والخشية من تمدد النفوذ الكردي في المناطق الشمالية السورية، دفع انقرة للانخراط عسكريا في سوريا، لإيقاف الطموح الكردي، لإنشاء حكم ذاتي اولا، والمشاركة العملية في صراع النفوذ ثانيا، لاسيما وان روسيا تمتلك نفوذا كبيرا، جراء دعمها للحكومة السورية، وكذلك الامر بالنسبة لامريكا التي تتمركز، في مناطق المحاذية لشط الفرات.

كاتب صحفي