آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

إنترنت الأشياء IOT واستشراف المستقبل

الدكتور مصطفى المزعل *

يستيقظ أحدهم من نومه فزعًا، ويشعر بضيق في تنفسه وألم في صدره، وتهتز معه ساعة يده الذكية لضمان استيقاظه من نومه، يلتفت بعدها لهاتفه النقال، ليرى إشعارًا من تطبيقه الصحي المرتبط بالساعة الذكية، يكشف له عن ارتفاع نبضات قلبه، ويقترح له هذا التطبيق أخذ حبتين من الأسبرين فورًا، ثم التوجه للمستشفى، حيث أن حالته تستدعي رؤية الطبيب، بناء على البيانات الطبية التي تم إرسالها تلقائيا للمستشفى الذي اعتاد زيارته.

ما سبق هو مثال واحد لسيناريو محتمل لتطبيقات ”إنترنت الأشياء“ اللامحدودة، فما هو المقصود بإنترنت الأشياء؟ أو ما يشار إليه باختصار ب IOT أي Internet of Things، إنترنت الأشياء، هو مصطلح حديث، المقصود منه هو ربط الأشياء ببعضها البعض بواسطة الإنترنت، هذه الأشياء قد تكون جهاز وجهاز آخر، تطبيق وتطبيق آخر، جهاز استشعار «Sensor»، مثبت داخل كرة سلة وفي أحذية اللاعبين، لتزويد المدرب ببيانات وإحصائيات تهمه في تحسين أداء فريقه.

الإنترنت الحالي ربط الناس ببعضها البعض، وأتاح لهم صناعة محتوى على الشبكة، لكن إنترنت الأشياء يربط الأشياء ببعضها، ويصنع المحتوى تلقائيًا عبر اعتماده على أجهزة الاستشعار الدقيقة. ما توصل إليه العلم حتى هذه اللحظة، كفيل بتوضيح المفهوم الأساسي لإنترنت الأشياء، أما بعض الاختراعات المتقدمة فستحتاج لبعض الوقت حتى تنضج أكثر، مثال على ذلك، هي السيارات ذاتية القيادة، فقد تم تصنيع بعض مثل هذه السيارات، والمؤشرات تدل على أنها مسألة وقت قبل أن نرى شوارع إحدى المدن المتقدمة تكنولوجيا ممتلئة بالسيارات ذاتية القيادة، فشركات عديدة مثل إنتل وجوجل وتسلا وغيرها، تتسابق في هذا المضمار، لتُقدم للعالم إحدى تطبيقات إنترنت الأشياء، هذا المفهوم الذي سيغير الكثير في عالمنا.

تشير إحدى الدراسات على أن السوق المتوقع لإنترنت الأشياء بحلول عام 2020 سيحتوي على 50 مليار جهاز مرتبطين عبر الإنترنت، إذا أصابت هذه التنبؤات، هذا يعني أن عدد هذه الأجهزة سيتضاعف 5 مرات عن العدد الحالي، موفرا فرصة سوقية تُقدر ب 14 تريليون دولار. هذا بالتأكيد يدل على أن كبرى الشركات تهتم لمثل هذه التقنيات، لما لها من أثر على مستقبلها وبقائها ضمن دائرة المنافسة، وعملية البحث والتطوير هي من الأمور الأساسية، حتى لا تتخلف تلك الشركات عن الركب، وخصوصا أن التكنولوجيا تتسارع بشكل مهول مقارنة بالسابق.

على المستوى الفردي أيضا، من الضروري أن يُتابع الفرد آخر مستجدات المجال الذي يعمل فيه، سواء كان تقنيا، طبيا، اجتماعيا، أكاديميا أو غيره. متابعة آخر المستجدات ليست بالضرورة عبر قراءة المجلات أو تصفح المواقع البحثية فقط، بل إن متابعة المهتمين والمطلعين على آخر المستجدات في مجالنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر الحديث المباشر مع أصدقاء مهتمين في نفس المجال، قد تنيرنا لما نغفل عنه، بعض المواد الدراسية في الجامعة قد تكون بوابة أيضا للاطلاع على ما هو جديد، وهذا بالفعل ما حصل معي، فاخترت مع زميلي عنوان IOT لأن يكون مشروعنا البحثي في مادة الإدارة الهندسية التقنية، وحينها لم أكن أعرف حتى معنى هذا العنوان، فتخوفت من اختياره لمشروع المادة، لكن زميلي شرح لي باختصار معناه، وحفزني للبحث أكثر والتعلم عن هذا المفهوم الجديد.

أقسام ”البحث والتطوير“ التي في الشركات والمؤسسات الكبيرة، هي أيضاً ضرورية لنا كأفراد، من المهم أن يكون حس الاستطلاع ورغبة التطوير، حيّين ومتوقدين في داخلنا، للتقدم واستشراف المستقبل والسعي نحوه بوسائل العصر الحديثة.

دكتوراه الإدارة الهندسية التكنولوجية