آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:53 م

الدكتور الطاهر: الحياء مصدر أمان وإنتاج وإستقرار للمجتمعات

جهات الإخبارية سوزان الرمضان - سيهات

أكد دكتور علم النفس مهدي الطاهر على أهمية صفة الحياء في الإنسان، والتي تدفع إلى اجتناب المحرمات وما يخل بالآداب، داعيا إلى العمل على غرسها في الأبناء لسلامتهم النفسية، ولأمان المجتمعات.

وذكر في محاضرته بمركز رفاه، بالتعاون مع دار الفرقان لعلوم القرآن الثلاثاء الماضي، ان الحياء إنفعال يتركب من عناصر من الخجل والخوف، ويعتري الإنسان حين يخاف أن يراه الناس بما يمكن أن يُعاب أو يُذم، فيمتنع عن الأفعال القبيحة والمعيبة، ومن العفة في كف النفس عن المحرمات والشبهات وغلبة الشوق، والتقوى التي يمتنع فيها الإنسان عن فعل المعاصي، إلى اجتنابه عن بعض الأعمال المخلة بالآداب، لاستقباح العقل لها.

وعرّف الحياء بأنه حصر النفس وانفعالها عن ارتكاب المحرمات الشرعية، والعقلية، والعادية حذرا من الذنب واللوم، مشيرا إلى انه أعم من التقوى، ومن شرائف الصفات النفسية فهو يعمّ ما يقبحه العقل والعرف أيضا، ”الْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ، وَلا إِيمَانَ لِمَنْ لا حَيَاءَ لَهُ...“.

وفرّق الطاهر بين انفعال ”الحياء والخجل“، في أن الحياء يتركب من انفعال الخجل في معناه الإيجابي والذي يمنع من ارتكاب القبيح، وليس في معناه السلبي والذي يظهر على الفرد التردد والتلعثم وعدم المبادرة، مشيرا إلى أهمية الدعم بالثقة والتقدير والإحترام والمسؤولية لاختيار الفعل الصائب، والجرأة والإقدام على ممارسة السلوك الإيجابي، لافتا إلى انه ”قد يستحي من عدم فعل السلوك الإيجابي بشكل مستمر“.

وبيّن أن تلك الصفة النفسية تحتاج الى وقت وتمرين لبنائها، وليست كالأمور الجسدية التي بالإمكان الحصول عليها بعقار ما.

وحذّر من بعض ألعاب الأطفال مثل ”البلاي ستيشن“ التي تعلّم القتل، والتدمير، والإعتداء على ممتلكات الآخرين، وتؤثر في بناء صفة الحياء لديهم.

وبين مفهوم الرعاية والتربية، في أن الرعاية تكمن في تهيئة البيئة والإحتياجات المناسبة لعمر الطفل، وجنسه، وتتمثّل في عدم التلفّظ أمام الطفل بألفاظ نابية، أو عدم السماح له بالإختلاط مع أطفال منحرفين.

بينما تقوم التربية على تنمية الصفات الحميدة، وأوامر الدين، والقيم والتقاليد، والسمات الشخصية وبقية مطالب النمو بالصورة المطلوبة، مشيرا إلى أهمية اختيار أصدقاء يدعمون هذه الصفة.

ونوّه على ان التعليم يتضمن تدعيم وتعزيز السلوك المطلوب، وإضعاف السلوك غير المطلوب، من خلال ملاحظة واعية لممارسات الأبناء.

وشدّد الطاهر على أهمية تعويد الطفل على تلك الصفة منذ أيامه الأولى، بالممارسات المحتشمة أمامه، وتلقينه الإرشادات المناسبة لعمره، مع تعزيز سلوكه المناسب في هذا الصدد، أو سلوك المحيطين به من الأطفال، والتي تعمل بشكل مضاعف في غرس القيم.

وأشار إلى أن علماء النفس مثل ”إريكسون“ في مراحل التعلم النفسي الإجتماعي، خاصة في مرحلة الشك والخجل مقابل الثقة بين سن 1 - 3 سنوات، ومن قبله الدين الإسلامي، لفتوا إلى أهمية إحترام الطفل، وإشعاره بالثقة والتقدير؛ بتحديد الولاية بشكل واضح، والمسؤول التربوي الذي يدير عملية الرعاية والتربية والتعليم ويمارس السلوك، مما يساهم في خلق مشاعر إيجابية تنسجم مع السلوك الخارجي الممارس للقدوة، وبها يتقمص كثير من سلوكياته من التصرفات الممارسة أمامه.

ودعا الأهل إلى تخصيص وقت للطفل بالجلوس معه، واستخدام القصص، وصور التعزيز الحميم من المسح على الرأس، والضم، والتقبيل، والاحتضان، والانتباه عند ممارسته للسلوك الإيجابي وتدعيمه، وتعزيزه، والنظر له بمحبة، واستخدام الحوار والنقاش، مما يساعد في بناء شعور ذات إيجابي وتنمو الصفات الإيجابية.

وحذّر من انتقاد الطفل أمام الأخرين مما يؤثر سلبا على نمو صفة الحياء، وعدم استخدام الفاظ التصغير التي تقزّم البناء النفسي، وتؤثر في نموه النفس اجتماعي، وتقود الى الخجل، والقدرة على الإقدام، وممارسة مسؤولياته بشكل صائب.

ودعا الى تعويد الطفل على ستر نفسه، وعدم كشف عورته أمام الأخرين، وحتى أمام الأم اذا كان مُميزا، وبما يناسب تميزه الإدراكي، حتى لا يتعود كشف نفسه أمام الأهل أو الآخرين، خشية إضعاف تلك الصفة لديه.

وبيّن أن صفة الحياء من الدين، وان غرسها وتنميتها يساهم في استعادة الخصائص النفسية الإيجابية اللازمة للإستقرار النفسي، والتي ترفع من مستوى الإنجاز والإنتاجية المطلوبة لتقدم المجتمع.