آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

ثقافة الرعب

محمد أحمد التاروتي *

تمارس الاطراف المختلف سلاح الرعب، في الصراعات على اختلافها، خصوصا وان الحرب النفسية، تعتبر علما قائما بحد ذاته، مما يستدعي الاستفادة من عامل الرعب، لتحقيق انتصارات سريعة، او منع عدوان او حروب، لاسيما وان استخدام أدوات الرعب تختلف باختلاف الظرف الزماني، وكذلك باختلاف نوعية الصراع المحتدم، فهناك خلافات تتطلب التلويح بامتلاك سلاح فتاك، قادر على انهاء الطرف المقابل في غضون ساعات قليلة، بينما تتطلب صراعات الحضور البشري القوي، من خلال استعراض القوة على الارض، الامر الذي يدفع الاطراف المناوئة، على أعادة رسم الحسابات، وووضع كافة الاحتمالات لتقليل الخسائر، او دراسة جميع الخيارات المتاحة، لتفادي التعرض للهزيمة.

تعمد الدول على توجيه الرعب بالشكل الملائم، بما يخدم مصالحها السياسية، وتوسيع رقعة النفوذ على المستوى العالمي، فالمناورات العسكرية التي تجريها معظم الدول بين فترة واخرى، ليست محصورة في رفع مستوى الجاهزية للجيوش في بلدانها، وإنما بغرض بث الرعب في مختلف الاطراف، لاسيما وان سلاح الردع والحروب النفسية، لا تقل أهمية وقدرة في شل جميع المحاولات، لشن عدوان صغير او كبير، الامر الذي يفسر حرص الدول على زيادة الترسانة العسكرية، بمختلف صنوف الأسلحة، وكذلك الكشف عن المعدات العسكرية الجديدة، والاستراتيجية بشكل مستمر، خصوصا وان الرسائل السياسية لا تقتصر على إطلاق المواقف، بل تمتد لادخال الرعب في النفوس، ومراجعة الحسابات، قبل اتخاذ خطوات غير محسوبة، لاسيما وان الدول تحتفظ باسلحة، ومفاجآت لمواجهة المخططات المعادية.

سلاح الاعلام يمثل الاداة الأكثر قدرة، على بث الرعب في الاطراف المعادية، فالدول تسخر وسائل الاعلام على اختلافها، في نقل الصور للداخل والخارج على حد سواء، حيث تتحرك البلدان في إيصال رسائل للداخل، بالقدرة على مواجهة العدوان، ومحاولة التركيز على وحدة الصف، خصوصا في ظل وجود قوات قادرة على قطع أيدي العدوان، والحفاظ على تراب الوطن، وعدم السماح للعدو باستباحة الارض، باعتباره من الخطوط الحمراء، والمحرمة على الجميع، مما يسهم في زيادة الثقة في الدول، وقدرتها على ردع كافة الاطراف، الساعية للعبث بأمن واستقرارها.

على الصعيد الخارجي، فان الماكنة الإعلامية قادرة، على خلق توازن رعب تجاه الاخر، خصوصا وان الاعلام احد الوسائل الأكثر تأثيرا، في سرعة إيصال الرسائل على اختلافها، الامر الذي يفسر رصد الموارد المالية الضخمة، في سبيل بناء منظومة إعلامية مؤثرة، نظرا لقدرة السلطة الرابعة على خلق ظروف، واحداث رعب في الاطراف الاخرى، بما يتجاوز الحجم والقدرة الحقيقية لبعض الدول، حيث تحاول استخدام التضخيم لرسم واقع جديد على الساحة الدولية، فهناك العديد من التجارب التي كشفت زيف ادعاءات بعض البلدان، والقدرة على الوقوف في وجه الأعداء، بيد ان تلك الادعاءات سرعان ما يتلاشى مع الاختبار الاول، الامر الذي وضع تلك الدول في امتحان صعب، لإعادة ترميم صورتها على الصعيد الداخلي، فضلا عن خلق حالة من الاحترام، والردع على الصعيد الدولي.

كاتب صحفي