آخر تحديث: 14 / 5 / 2024م - 4:50 م

الشيخ الصفار: يجب أن يتواضع العقل أمام القضايا الدينية

جهات الإخبارية إيمان الشايب - القطيف

طالب الشيخ محمد الصفار بضرورة أن يتعاطى العقل الإنساني مع القضايا الدينية التي لا يرى بأنها منسجمة معه تمامًا أو لم يتفهمها بشكل كامل كما يتعاطى مع بقية المشكلات في الحياة بالتفهم واكتشاف الحلول.

ورأى أهمية أن يتعامل أفراد المجتمع ممن لديهم إشكاليات مع إحدى القضايا الدينية بالتواضع وعدم التمرد بل بالبحث عن العلاج والاعتراف بكل صراحة وثقة أمام العالم بوجود مشكلة في عدم القدرة على فهم هذه المسألة كما يتعامل مع بقية المشاكل في عالم الطب أو علم الظواهر الطبيعية.

وأردف متسائلًا ”لماذا حينما يأتيك نصًا دينيًا أو قضية دينية لست قادرًا على أن تفهمها تنفي وتقول بأن هذا ليس دين أو لا يقول الله ذلك؟“

وجاء ذلك في سلسلة المحاضرات التي يقدمها في ذكرى وفاة الإمام علي بمجلس المقابي.

وأكد على أن كافة مشاكل العلوم الأخرى يواجهها العقل عن طريق الدراسة والبحوث والوصول للنتائج لا عن طريق النفي والرفض والتمرد.

وقال بأن العقل حتى في القضايا المحسوسة لديه أخطاء في الأمور العبادية والدينية، مؤكدًا على أن الإنسان كلما فقد حاسة من حواسه حرم العقل من المعطيات التي توصلها تلك الحاسة للعقل.

ونوه إلى صعوبة أن يفهم الإنسان العالم غير المادي أو يدركه لو حاول أن يصل لذلك بعقله، معللًا ذلك بعدم قدرة أي حاسة من الحواس أن تزود العقل للوصول للعالم غير المحسوس.

وبين بأن العقل قوة تأخذ مكانها إذ أعطيت المكانة تصدرتها وإن لم تعطى سعت إليها وحاربت وقاتلت حتى تتمركز في ذلك المكان، إلى جانب كونه قوة غير بسيطة تفرض حالها على الواقع والانسان.

وأضاف القول ”في المجتمعات كلما ازداد عقل ووعي وعلم مجتمع من المجتمعات فرض نفسه على الكرة الارضية بشكل طبيعي“.

وتحدث عن الصراعات التي عاشها العقل من جانب الوضع الديني ما بين المدرسة الاخبارية التي سادت فترة كبيرة وترى بأن العقل تابع وكاشف ومهمته يكشف ما في الرواية أو الآية وليس له استقلال بأن يأتي بحكم شرعي، وبين المدرسة الأصولية التي ترى بأن العقل لديه قدرة خصوصا في مناطق الفراغ بأن يولد حكما شرعيا وله حدود وقيود يرجع لها في مكانها.

وأشار للقوة المتطلعة والمتأملة والباحثة عن الموقعية في العقل الذي كلما وصل لمكان نظر لأعلى ولنقطة متقدمة بحيث يطالب الآن بالهيمنة والسيطرة على بقية الأدلة.

وتطرق للنداءات التي بدأت تتكاثر وتطالب العقل بالتواضع وهي نداءات ليست من الوسط الديني ككتاب التطور المبدع ”لهنري بريغسون“ الذي ترجمه جميل صليبا.

وذكر ما تحدث عنه بأن العقل قد أعد من أجل التعامل مع المادة الصلبة المشاهدة المحسوسة فهي لعبته ينظر إليها يراها، وكل تجربة وقضية في الكون يصغرها ويضيف عليها مؤثرات وينزع أخرى حتى يكتشف الروابط بين الأشياء إلا أنه لم يعد للتعامل مع ما وراء المادة عالم الروحانيات العالم الذي لا يلمسه الإنسان لم يعد للتعامل معه.

وأكد في استدلاله إلى أن الإنسان حينما يدخل في هذا الميدان يلعب في غير ملعبه في تشوش واضطراب ويعطي أحكام غير متناسقة لأن العالم لا يستطيع أن يخضعه لتجاربه لا يعرف المؤثرات فيه ويجهل العناصر المكونة له ولا يعرف كنهه وحقيقته.

وأشار في اقتباسه إلى نهاية مفادها بأنه ”لا يمكن للعقل أن يرسم ملامح الحياة فهو ليس إلا راسبا من الرواسب التي خلفتها حركة التطور خلال سيرها في طريقها لهذا فهو غير مؤهل لإدراك تيار الحياة الذي أنجب هذا العقل فهو قاصر عن ذلك“.

وقال بأن المدرسة الوضعية تنادي ”أيها العقل الذي تغتر بذاتك وتغالي في الغرور، اطلب منك المغالاة في التواضع ولا تدخل في مجال غير مجالك“.

وطرح نداء آخر لعبد الوهاب المسيري الذي له كتابات في الفلسفة ورؤى في العلمانية الشاملة ولحديثه في كتاب ”اشكالية التحيز رؤية معرفية“ عن نظر الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي كونت الذي يشير إلى ”أن قدرة العقول على المعرفة مقدرة هشة، فالعقل البشري طالما اخطأ في معرفة نفسه والعالم المحيط به، وعلى هذا الأساس يجب على العقل أن يتوقف عن شطحاته التي يظن أنها تمكنه عن اكتساب معرفة موثوقة بها“.

وأشار إلى مطالبة المدرسة الوضعية العقل الذي يطالب بالهيمنة على كل شيء بالتواضع والتأني.