آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

الشيخ المشاجرة: كل مشروع تنويري لاينبع من معطيات الأمة لا ينجح

جهات الإخبارية سوزان الرمضان - تصوير: حسن الخلف - القطيف

أكد الشيخ إسماعيل المشاجرة على أن كل مشروع تنويري لاينبع من معطيات الأمة ذاتها لايمكن ان يكون ناجحا. مشيرا الى أن القضايا الفكرية والحركات الحضارية والمشاريع المعرفية لايمكن أن تستورد أو تستنسخ.

ولفت إلى إن الأنساق المعرفية تتوالد ذاتيا، وحركة التنوير تحدث بشكل تلقائي عفوي، وليس باستيراد أفكار وإقحامها على الساحة الإسلامية تحت عنوان ”تنوير مستورد“ فهذا مما يرفضه العقل والفطرة السليمة.

وقال في محاضرته التي ألقاها في حسينية السنان بالقطيف السبت الماضي، بعنوان ”مشروع التنوير الإسلامي واختناق الهوية“، أن حركة التنوير وتعني ”إلقاء الضوء وإزالة الظلامية عن العقول“ شاعت في أوروبا في القرن الثامن عشر الميلادي.

وذكر أن تلك الدعوة لاقت قبولا لدى فلاسفة أوروبا، وتم رفع علمها، وصار لها منظّريها، وأذيبت الفوارق القومية.

وأشار إلى تحييد منهج ديكارت الماورائي رغم محاولات الكنيسة الترويج له وإطلاقها عليه ”أبو الفلسفة الحديثة“، وشجّع على ذلك استبداد الكنيسة واستعبادها واستيلاءها على أموال الناس، ورفضها لأي مكتشف علمي.

وأوضح أن الحركة التنويرية ألقت بظلالها على العالم الإسلامي في القرن التاسع عشر.

ولفت إلى أنها ”حالة طبيعية أن تنتشر وتتزاوج الحضارات والثقافات والتيارات الفكرية بين الأمم“، كالذي حدث حين تُرجمت الكتب اليونانية والفارسية في بدايات العصر العباسي الثاني، لتنشط فلسفة إسلامية منابعها إغريقية، وتفتُّح الغرب على المعارف والمنجز العربي الإسلامي بعد شعوره بالحاجة بذلك بعد عدة قرون.

ووصف الشيخ المشاجرة الحركات التنويرية في العالم الإسلامي ”بالمتداخلة، والمضطربة بشكل مربك، في تأريخها، وتصنيفها، وتصنيف أفرادها أنفسهم، فلايستطيع الباحث معه الخروج بنتيجة واضحة“.

وأشار إلى أحد التصنيفات التي سادت في الساحة الإسلامية، ومنها: الدعوة لاستنساخ حركة التنوير التغريبية بشكل تام، ومن أوائل من نادى بها سيد أحمد خان وهو من الهند ويعيش في بريطانيا.

وأوضح المشاجرة ان هذه الدعوة تم رفضها واعتبارها حركة متطرفة، ونبذت حتى في بلده الأم.

وأشار إلى الحركة التنويرية العربية الراديكالية، من قِبل بعض مسيحيي لبنان ومصر، ودعوتهم لمسايرة التحضر واستيراد المعارف من الأمم الاخرى في ”عدم التشدد للهوية والثوابت المرتبطة بها كاللغة العربية“، وإنشائهم مجلة ”المقتطف“ للتبشير بالفلسفة الوضعية، ونظرية دارون، وبث الشك في القضايا الدينية، وافتعال وجود صدام بين العلم والدين".

وبيّن الشيخ المشاجرة أن هذا المشروع لم يحالفه النجاح في العالم العربي والاسلامي، بل علت الصيحات المندّدة بالحفاظ على الدين، ولغة القرآن.

ولفت إلى الحركة التي نالها الحظ من النجاح وهي حركة التنوير الإسلامي، وتعود لمجموعة من المفكرين والتقو حول ”مشروع تنويري متشابه ومتقارب“، ومنهم جمال الدين الافغاني، ومحمد عبده، ومحمد إقبال اللاهوري، وارتكزت دعوتهم على ”الإستفادة من المنجز التكنولوجي الحضاري الغربي لتحريك المجتمع في هذا الصعيد، والإستغناء عن منجزهم الفلسفي المعرفي والذي يتقاطع مع رؤيتنا في الحياة والدين“.

وقال أن هذا الطرح وكان في بدايات القرن العشرين لاقى قبولا لدى الأدباء والمفكرين، إلا ان المؤسسات الدينية في مراكزها العلمية كانت متوجّسة ”هل سيحافظ هذا المشروع على الثوابت والهوية، أم سينجرف مع المشروع الغربي“.

وتطرّق إلى بعض ماتتميز به حركات التنوير المعاصرة في أنها: ”مشاريع فردية واضحة، تغلّبت على التعميم العام والحدود المطاطية في المشاريع الكبرى، وكل مفكر يطرح مشروعه ضمن مسمى وحركة معينة“، كمشروع محمد حنفي التنويري في ”إبقاء التراث مع التجديد“، ومشروع محمد الجابري في ”تخليص الأمة العربية والإسلامية من الجمود“.

وأوضح الشيخ المشاجرة أن حركات التنوير في العالم العربي والإسلامي تعاني ”أزمة هوية وانتماء“، فهم أنفسهم غير قادرين على تصنيف إنتمائهم إلى أين ”هل للمجتمع الإسلامي بمعارفه وحضارته ومنجزه، أم للمشروع التنويري الفردي“.

ولفت إلى ان تلك الحركات ”تغرّد خارج السرب، وهناك تقاطعات واضحة بينهم، وكلما طرح صاحب مشروع تنويري مشروعه تعرّض للنقد من التنويريين أنفسهم“.

وأوضح أن التنوير الإيماني هو مايعطي أوليائه حالة يقين وطمأنينة، ويستقي معينه من ”الدين والقرآن والعترة“.

وأشار إلى حالة الطمأنينة لدى الإمام الحسين ع وهو في طريقه إلى كربلاء، وبثّها في من حوله، وردّ إبنه علي الأكبر ع حين علم من والده بأمر استشهادهم: ”لانبالي مادمنا على الحق أوقعنا على الموت، أم وقع علينا“.