آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 11:24 ص

الكاتب اليامي: الإيمان بالتنوع أهم مناعة ذاتية للمجتمع وأزمتنا في ضيق خيالنا

جهات الإخبارية نداء آل سيف - تصوير: مالك سهوي - تاروت

كشف الكاتب والأديب سالم اليامي عن أهم مناعة ذاتية للمجتمعات القوية وهي إيمان الناس في تلك المجتمعات بقداسة التنوع والإختلاف التي تخلق الانسجام بين مكونات المجتمع الواحد.

وشدد في الأمسية التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي في تاروت بعنوان «المثقف وأزمة العقل الجمعي» على ضرورة خلق الأنظمة والقوانين التي تحمي ثقافة التنوع من القسر، كي يبقى الفرد حرا في خياراته وعضوا في كيان مفعم بالتنوع الذي يخلق العقل الجمعي الأكثر تميزا.

ورأى اليامي أن العقل الجمعي المتميز المبدع في أغلبيته هو المجتمع ذو البيئة الخصبة القابلة للتنوع والذي لايقوم على فكرة اللون الواحد ولا الجنس الواحد ولا الفكرة الواحدة.

ومضى يقول: كلما كان العقل الجمعي مبدعا حتى لو كان مجتمعا تحت إرادة تقسره كيلا يبدع أو يتفرد بفكره وابداعه، فإنه سوف ينجب العقل الفردي المتميز.

وذكر في الأمسية التي أدارها وليد الهاشم أبرز أسباب أزمة العقل الجمعي العربي هو ضيق أفق الخيال وضعف آلية التخيل، مشددا على أن الخيال لا يتعارض مع الدين.

وشدد: ”لو أن الخيال العربي الذي يقضي جل وقته لصناعة الخرافة إتجه لصناعة الفكرة المستنيرة الخلاقة لأصبح العرب سادة العالم“.

وقال في الأمسية التي تضمنت تكريما للكاتبة علوية السادة من ذوي ضعاف السمع: أن الله عندما دعانا للتفكر والتدبر لم يضع شروطا أو حدودا لتفكر وتدبر عقولنا بل كانت دعوة مطلقة وأمرا إلهيا بإطلاق عنان التفكر والتدبر اللامحدودين.

وانتقد الواقع العربي بأنه لا يحبذ أن يتعلم الطفل كيف يتخيل أبعد مما يُرسم له في بيت يؤمن في الخرافة أكثر من إيمانه في شراء كتاب يطلق خيال الطفل نحو التفكر اللامحدود أو عبر منهج مدرسي لم يكن سوى عائق أمام خيال عقل يتوثب نحو التحليق في فضاء التفكر.

وعرف الثقافة بأنها مزيج من القيم والسلوك والفكر تعكس ما ينتجه عقل الانسان ووجدانه في بيئة معينة أو مجتمع واحد، منوها بأن العقل الجمعي ذلك الذي يمثل أغلبية ما تنتجه العقول في واقع معين.

واضاف، إذا كان المجتمع أو الواقع أو البيئة يقوم على صناعة الفرد المستقل والمتميز بصفاته وقدراته عن الآخر فإن ذلك الواقع أو المجتمع سيصنع عقلا جمعياً يتحد في الأهداف ويتمايز في الأفكار والطرائق مما يجعله مجتمعاً قويا منتجا ومبدعا.

وبين في الأمسية التي شهدت حضور نوعي ونخبوي، إن ثقافة الإنسان أكان فردا أو وعيا جمعيا هي من صنع تخيله، مشيرا إلى أنه كلما توسع خيال الإنسان وامتد أفقه ليتجاوز الحواجز والموانع وما استقر في اللاوعي الجمعي كلما تفتحت بصيرته لتخلق فكرا أكثر استنارة وواقعا لا يخشى الجديد ولا يرفض المختلف.

وأوضح علاقة المثقف بإحدى العقلين الجمعيين بأنه إما مثقف مستقل ومتميز ينتمي الى مجتمع لا يؤمن بتميز الفرد وغالبا ماتذوب فيه العقول المتفردة بتميزها خدمة للجماعة.

وبين أن هذا يعني أن يعيش المثقف المتميز أزمة العقل الجمعي ويقاسي عذابا لا يساويه عذاب، قائلا: ”لا أقسى من معاناة مثقف حقيقي وخاصة المثقف الذي يمتلك بعض ملكات العقل أو الوجدان الإبداعية حين يجد نفسه معزولة في مجتمع شكله متجانس وهو ليس الا كيانا هشا يقوم على أنقاض المبدعين فيه“.

وأوضح في الأمسية التي كان ضيف الشرف فيها الكاتب مهدي ال سلاط، أن العلاقة الأخرى بأن يكون المثقف المتميز ينتمي إلى عقل جمعي تأسس بعقول الأفراد المتفردين بصفاتهم المتنوعة، مشيرا إلى أنه يجد ضالته ويتحرر من عُقد الجماعة وشروطها ليبدع وعيا جمعيا مع بقية العقول المستنيره.

وحذر من إنتماء العقل الجمعي القائم على إلغاء الفرد فيه إلى مجتمع يسود فيه «الجهل المؤسس» وهو الجهل الذي يتعلمه الناس في منابر المدرسة او الجامعة او أي من منابر التأثير والمعرفة، فتكون الوسيلة «تنويرية» والمادة «جهل» والنتيجة «وعي مجهل».

ومضى يقول يتطور ذلك الجهل المؤسس حتى يصل إلى درجة الجهل «المقدس» بحيث تتحد التصورات الجمعية لتمثل ضميرا جمعيا مقدساً، مشددا على أنه أخطر أزمات العقل الجمعي الذي يقود الأمم الى الانهيار الاخلاقي والقيمي والحضاري.