آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 1:36 م

التمزق في المجتمع والنزاعات تمثل أرضية خصبة لإنكار الربوبية والألوهية

رجل دين: المتجاوزين على الدين والقيم لديهم ”عقدة نقص وشعور بالدونية“

جهات الإخبارية تغريد آل إخوان - الأحساء

ذكر أحد رجال الدين في المنطقة أن أخطر الإنحرافات التي تحصل للإنسان هي الإنحرافات الفكرية، والتي تبدأ بإنكار المعتقدات والأصول، كإنكار الألوهية والربوبية والرد على ما جاء في القرآن الكريم وعلى الرسول ﷺ والأئمة المعصومين .

وأفاد أن الإنسان الذي تطغى عنده الشهوات والغرائز النفسية الشيطانية يريد أن يتحرر من الشعور بالذنب ووخز الضمير، فيتجه نحو الرغبة في التحرر والإنفلات، فيرفض القيود التي يفرضها عليه طبيعة المعتقد والإلتزام، فهو يريد أن يتخلص من تلك القيود بطريقة الإنفلات والإنكار لتلك المعتقدات والمبادىء الحقة رغبة منه في الشهوات.

وقال الشيخ إسماعيل الهفوفي في خطبته التي ألقاها يوم الجمعة في مسجد الإمام الحسين بالأحساء، أن الإنحراف ليس دافعيا وإنما يتحقق بأسباب تدريجية تأخذ الإنسان إلى طريق الإنحراف، والذي له أسباب ودوافع كثيرة متداخلة ومتشابكة والتي منها البعد الفكري.

وذكر أن كثير من الإنحرافات الفكرية لا ترجع في الحقيقية إلى هشاشة في الفكر أو جهل بالدين ومقاصده، وإنما ترجع إلى فقد التوازن النفسي عند الإنسان، لذلك الإنحراف يقع عند من يمتلكون مستوى عاليا من المعارف العقلية، وحتى عند الذين يحملون المعارف الدينية لأسباب إتباع الهوى الذي يؤدي إلى رفض المقدسات وإنكارها، وإنكار البديهيات الواقعية في الحياة.

وأوضح إن عقدة النقص والشعور بالدونية لأي سبب كان يؤدي بصاحبه إلى التجاوز على المبادىء والقيم، فيظهر هذا الإنسان للناس بمظهر المثير للجدل ليثبت الذات، وأيضا يُظهر نفسه بتضخيم هذه الذات عبر إنكار المقدسات أو التجاوز عليها ولو من باب خالف تُعرف، وهذا كله يكشف عن عقدة نفسية عنده.

وبين أن الإنحرافات قد تتأرجح بين مرحلة الضمور التي تكمن في النفس من دون أن تخرج إلى العلن، وهناك إنحرافات تترسخ في النفس فتظهر إلى الملأ عن عناد وإستكبار، مع تجسيد لها في الواقع العملي، خصوصا في ظل وجود أجواء ممهدة لها، وعندما تخلو تلك الأجواء من التأصيل والبُعد المعرفي، ووجود الخواء الروحي، فكل ذلك يشجع بيئة الإنحراف.

وقال: البعض من خلال الإطلاع هنا وهناك على قراءات عابرة سريعة، وحفظ جملة من المصطلحات، تجده يحمل مجموعة من الألقاب يُوسم بها نفسه بأي عنوان كان، فينشأ عنده الغرور والتكبر وحب الظهور والشهرة، وهذه عوامل لطغيان النفس وتضخمها، وتعد من أكثر الأسباب النفسية التي توجب إنحراف الإنسان".

وتابع: ”إعجاب البعض غير الواعي بما عند غير المسلمين من أفكار وعادات وربطه لأفكار وعادات المسلمين بها، فيتصور أن الوصول لذلك التقدم المادي يتطلب منه أن يخلع عباءة الفكر ويرتدي عباءة جديدة، حتى يصل لذلك التقدم المادي، لأن ما يُصور له أن عالم ما بعد البحار هو المدينة الفاضلة وهي جنة الله تعالى في أرضه“.

ومن جهة أخرى، نبه من التمزق في المجتمع والنزاعات حيث أنها تمثل أرضية خصبة للإنحرافات الفكرية، لا سيما بين المتدينين والمنسوبين إلى الدين، فيتقلب الفرد بين الفلسفات والمذاهب الفكرية المنحرفة.

ولفت إلى أن الأوضاع الإجتماعية والبيئية السيئة تجعل البعض لا يستطيع مقاومة العقل الجمعي نحو الإنحراف، وكذلك التفكك الأسري ونقص وإهمال التربية يؤثر على الأبناء ومن ثم يؤدي إلى إنحرافهم.

وأشار إلى إن ”العلاج“ لهذه الظواهر السلبية يتطلب أولا الوعي بالأسباب المنتجة للظاهرة الإنحرافية، ولا يكفي التعرف على الأعراض والأثار، لأن ذلك لا يستأصل المرض من جذوره، فعلى جميع مكونات المجتمع بمختلف صنوفهم من أباء ومربين وأساتذة وعلماء دين القيام بمسؤلياتهم، فالكل معني بهدف تخريج جيل صالح وسليم.

وأكد إن الإنحراف ليس قدرا للإنسان وإنما هو خيار من الخيارات الخاطئة التي يتخذها، فمهما كانت العوامل الوراثية والنفسية أو التعليمية والإجتماعية والإقتصادية جاذبة للإنسان نحو الإنحراف، ولكنه طبيب نفسه لما له من القدرة والإختيار التام، وقادر على حفظ نفسه وبنائها بناء صحيحا وفق منهج الإستقامة.