آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

باحث ينادي بلجنة ترميم: 40 عام منذ أن ”مسخت“ العمالة الأجنبية حمام أبو لوزة

جهات الإخبارية مريم آل عبدالعال - تصوير: حبيب سليس، حسين الهاشم - البحاري

عبر الباحث التاريخي عبد الرسول الغريافي عن استيائه من الصيانة الأخيرة لحمام أبو لوزة الأثري في بلدة البحاري بشكل عام، ويرى أنها قد ”مسخت“ شكله من الخارج وضيعت لمساته الفنية الأصيلة، لافتاً إلى أنه قد حان وقت تجديده بنفس الطريقة التقليدية في الترميم القطيفي.

وقال الغريافي إن التعديلات المستحدثة مضت عليها ثلاثة عقود، وأنها آيلة إلى الانهيار في حين أن البناء الأصيل القديم لازال أكثر مقاومة رغم تصدعه، والذي وإن كان من الداخل متهالكا فلايزال محافظا على شكله الأثري القديم.

ويرجع آخر ترميم إلى عام 1980، حين عملت بلدية القطيف وجمعية مضر الخيرية على محاولة إحياء حمام أبو لوزة عبر ترميمه من التصدعات والشقوق واستخدمت الإسمنت في عمليات الترميم في القبة والجدران المتعددة بالإضافة إلى تبليط الأرضيات بالطابوق الأرضي، لكن عملية الترميم وصيانة الحمام وتلييسه من الداخل والخارج أدت لإدخال عناصر غير متوافقة مع طابعه. حيث أن الترميم لم يشرف عليه مختصّون أثريون، ما أدى إلى انهيار الأسقف، فيما تدلّت أسياخ الحديد في ممرات الحمام.

ويقع حمام أبي لوزة الذي يعود بناءه إلى أكثر من 600 عام وذلك لما يدل عليه نمط البناء وكذلك بالتحاليل التي أجريت على عينات اخذت من جدرانه؛ في الوقت الحالي تحت مسؤولية هيئة السياحة والتراث الوطني التي أوكلت مهمة الإشراف عليه إلى متطوّع من أهالي المحافظة تكفّل بالعناية به؛ وبالرغم من ذلك فإنه يُواجه خطر التّصدعات والتشققات، وتراكم الأنقاض عليه، ونضوب عين ماؤه، وإقفاله في أوجه الزائرين والسّياح.

لجنة أهلية محلية

والغريافي اقترح بدوره، تشكيل لجنة أهلية محلية بالتنسيق مع الجهات المختصة للقيام بترميمه وصيانته بنفس الطريقة القديمة مع تكليف بعض كبار السن من الخبراء في البناء التقليدي القديم بالإشراف على الترميم وتنفيذ توصياتهم واتباع ارشاداتهم اثناء التنفيذ وباستخدام نفس الحجارة القديمة التي يتم إزالتها منه أو محاولة اقتلاع بعض الحجارة البحرية من البحر.

الترميم الذي غير ملامحه

وتطرق إلى أن ما يميز الحمام أنه قد بني بطريقة غير مألوفة في المنطقة فسقوفه قببية على خلاف سقوف حمامات العيون الارتوازية التي هي في جميع أنحاء القطيف تسقف بجذوع النخل أو بالمرابيع والألواح الخشبية، مبيناً أن حمام ابو لوزه بني على شكل محاريب تعلو يعضها بعضا ليبنى فوقهم القبب ولازال محافظا على نفس النمط من الداخل.

وأعرب أن الترميمات الأخيرة التي جرت عليه في الثمانينات من الخارج غيرت بعض معالمه، التي استخدمت الطرق الحديثة في التسليح وهدمت الحمامات التي أمامه والمستخدمة لتنظيف العرسان أجسامهم من الشعر الغير مرغوب فيه وهي مجموعة من الحمامات تشبه المراحيض وربما استخدمت لهذا الغرض إذ كان يجري الماء من تحتها.

وأضاف أن من جهة الغرب حيث يحده مسجد صغير بني بمحاذاة الجدار الغربي للحمام الذي لم يكن مناسباً ليواكب قدم بناء الحمام وهو لايزال يخدم الفلاحين وشريحة من الناس المجاورين له فيقصدونه للصلاة، لذا فقد جدد بناؤه بحسب المواصفات الحديثة.

وذكر أن إدخال التيار الكهربائي فيه بالطريقة التي مددت فيها الأسلاك كانت غير ملائمة له فقد شوهت بعض الأماكن فيه من الداخل فيما يبدو أن المقاول الذي قام بالصيانة لم يكن مكترثا بالتعليمات المعطاة له لمراعاة تماشي طرق البناء مع أثرية المبنى.

وينقل الغريافي أن العمال والمشرفين كانوا الأيدي العاملة الأجنبية التي لا تجيد طريقة البناء القطيفية التقليدية، والتي بنت مكان الحمامات القديمة مراحيض على النمط المسلح الحديث ومدخل لقسم النساء ما زاد من تشويه شكل حمام أبو لوزه وضياع رونقه التراثي من الخارج، إذ أضيفت له الخرسانات الإسمنتية مع الحديد وسلم خرساني يصعد لسقفه لم يكن متواجدا في الأصل.

مساهمة شباب القطيف

وعول على شباب القطيف للمساهمة في ترميمه وصيانته، ممن أحيوا طريقة صناعة الجبس عبر صناعته من أجل «التلييص والمساح» ليعطي نفس طابعه القديم وبرونقه الجميل ودون مس أو تغييرات في جوهر شكله وطريقة تركيباته الأساسية.

وذكر أنه يحتاج لإزالة القشرة الخارجية الحديثة التي أضيفت له، وإزالة الممر الذي وضع للدخول إلى قسم النساء ليستبدل بآخر على نفس نمطه القديم.

وتطلع إلى إضافة تعديلات على الحمامات لتظل قائمة بنفس شكلها القديم ولكن بطريقة مناسبة بحيث تكون صالحة للاستعمال.

عين صالحة للسباحة

وأما العين، فاقترح أن يُعمد لتلحيم شقوق دككها الجانبية والممشى دون المس أو التغيير لأي شكل فيها والحفاظ على شكل القبب المحرابية الشكل، فضلاً عن حفر بئر بالقرب منها وتمديد مواسير كبيرة من الأسفل لا من الأعلى ليضخ فيها دون مس طبقاتها أو بناء أي حواجز إسمنتية تسد مساماتها لتصبح صالحة للسباحة أو على الأقل محافظة على رونقها.

يُذكر أن حمام أبو لوزة كان من أواخر عيون القطيف التي أخذ مياهها في التناقص إذ استمر تدفقه حتى عام 1418 تقريبا ولازال قاع «تنوره» حتى أيامنا هذه يحتوي على نسبة معينه من المياه الرقراقة وإن كانت هناك بعض التسربات من جوانب جدران العين، كما وقد كانت عناية الأهالي والمستفيدين منه من الفلاحين وملاك البساتين الذين يسقي أراضيهم فائقة إذ كانوا يستأجرون من يغوص عين الحمام لتنظيفها كلما سنحت الفرصة لهم فقد كانت الجسور الحديدية المستعرضة على فوهة العين والحبال الممتدة لقاعها للغوص موجودة حتى عام 1420.