في ”عز الظهيرة“ سيدات يكافحن في سبيل لقمة العيش
وسط صخب السيارات والمارة في الشارع، وفي قلب سوق السمك بالقطيف، وفي ”عز الظهيرة“ حيث درجة حرارة تشارف على الأربعين تجلس سيدتان طوال شهر رمضان تبيعان خبز الرقاق ”التاوه“ والحليب الذي يحضر بأيديهما.
السيدتان اللتان تتشحان السواد وتفصل بينهما حافلة متوقفة على جانب الطريق، أتخذت كل منهما مكاناً لعرض بضاعتها تنتظران المارين سيراً على الأقدام أو بالسيارة لتصريف بضاعتها قبل الأخرى.
وقالت الحاجة السبعينية أم حسين انها اعتادت سنوياً الحضور إلى السوق من أجل البيع، مشيرة إلى أنها جربت مختلف البضائع لاكثر من 50 عاماً لعلها تجد نفعا وربحا في أحداهن يعادل مقدار التعب.
ومضت تقول وهي تناول أحد المارة كيسا من رقاق: أن رحلة التجارة معها ابتدأت ببيع سلات الخوص، حيث كانت تقضي جل يومها في تضفير سعف النخيل، منوهة الى انها لجأت بعدها إلى بيع الخضار والحشائش الذي تشتريه من سوق الخضار وبعدها السمك الذي كان مرهقا جسديا حيث تظطر الى حمل صواني السمك الكبيرة والثقيلة على رأسها.
وتابعت وهي تفتح كيس نقودها لتضع غلتها أنها أخيراً اختارت بيع خبز الرقائق منذ 12 عاماً لاعالة بناتها اليتامى الذين ورثوا بدورهن مهنتها، لافتة الى إنها جربت أماكن اخرى للبيع لكنها لم تجد أي مردود مادي مرضي.
وقالت بصوت متعب ”لجهينة الإخبارية“ ”بعض أصحاب السيارات يمرون علينا دون مراعاة لكراتين“ التاوه" التي تتعرض إلى التكسير وخسارتها.
بجوارها تجلس الحاجة السبعينية أم أحمد وبجانبها أيضا كراتين خبز الرقاق مع أغراش الحليب واللبن، قائلة أحرق اصابعي واصابع ابنتي من أجل لقمة الحلال.
وتقول وهي ترفع كفا بالدعاء لابنتها العزباء ”أبنتي هي التي تساعدني ولولاها لم أستمر في العمل“ مشيرة إلى الجهد الجسدي الذي يتطلبه إعداد الرقاق بدءاً من تجهيز العجينة ثم إعداده فوق صفيحة حديدية ساخنة لتنضج رقائق الخبز وانتهاءا بعرضه للبيع بالجلوس في الشارع في عز الظهيرة بحثا عن مشترين.
ومضت تقول وهي تجلس على كرسيها تحت حرارة الشمس أنها تعمل منذ 45 عاما في هذه المهنة عسى أن تجد فيها عونا على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.
وتابعت وهي تشير الى كراتين خبز الرقاق الذي لم يباع منه إلا القليل ”في السنوات الماضية كان هناك إقبال كبير على“ التاوه" حيث كنت أبيع كل الموجود وقد يصل إلى ستة كراتين ”مستدركة بتنهيدة تعب“ لكن الآن قل الطلب عليه لدرجة إني في أيام عديدة أعود به كما كان".
السيدتان اللتان كانتا تتحدثان والشمس تصهرهما أصرتا في حديثهما على أن الدافع الذي يعطيهما طاقة المواصلة على العمل هو الحرص على بناتهما، مؤكدتان أن قلب الأم مستعد دائماً للتعب لأجل توفير احتياجات فلذات الأكباد.
وشددت كلا منهما على أن لقمة الرزق الحلال هي ”هدفهم“ حيث يرفضان أخذ مبالغ مادية دون شراء الخبز.