20 شاعرا يشاركون في مجاراة شعرية عبر ”الحَجْر المنزلي“
شارك 20 شاعرًا في مجاراة شعرية تحت عنوان: «قوافٍ على سبيل العُزلة» من خلال مبادرة اطلقها الشاعر هاني الحسن في أدب الحَجْر المنزلي بما سببته جائحة كورونا التي فرضت العزلة في المنازل، مستشعرين فلسفة أدب العزلة عبر رحلة شعرية متسلسلة، راسمين عبر تنوع أبياتهم لوحة شعرية فسيفسائية.
المبادرة الشعرية حظيت بمشاركة شعراء كبار وأسماء متألقة من أجيال متنوعة، جاءت تلك المجاراة اليائية متأنقة ومترابطة في سيمفونية شاعرية بديعة..
قوافٍ على سبيل العُزلة
الشِّعْرُ يُنْهِي حَجْرَنَا الصِّحِّيَّا
فَاصْلَ اقْتِبَاسَتَهُ يُغِثْكَ نَبِيَّا
إِنْ كَانَ ثَمَّة مَوْتَةٌ فِي حَجْرِنَا
فَانْضَحْ عَلَيَّ الشِّعْرَ أُبْعَثْ حَيّا
أَقْدِمْ فَبَعْضُ الشِّعْرِ بَلْسَمُ حَجْرِنَا
يُحْيِي الفُؤَادَ؛ لِكَيْ يَظَلَّ نَدِيَّا
لا دَاءَ يُخْشَى بَعْدَ جَائِحَةِ الرَّدَى
وَالشِّعْرُ بَاتَ دَوَاءَهَا الْمَرْضِيَّا
مَا دَامَ قَلْبُكَ نابِضًا وَرَوِيَّا
غَرِّدْ فَلَسْتَ مُشَرَّدًا مَنسِيَّا
وَاكْرَعْ كُؤوسَ الصبرِ وَاحتَسِبِ الرِّضا
مَا كَانَ ربُّكَ يا نَسِيُّ نَسِيَّا
«الحَجْرُ» عَلَّمَنِي الهَوَى بِقَدَاسَةٍ
فَدَنَا إِليَّ وَهَيّأ الكُرْسِيَّا
الآنَ تُطْفِئُ بِالنَّشِيدِ جَوَى الأَسَى
وَتُعِيدُ ضَحْكَاتِ القُلُوبِ سَوِيَّا
فِي «الحَجْرِ» نَكْتَشِفُ الطَّرِيقَ إِلَى السَّنَا
وَنُعَانِقُ النِّسْرِينَ وَالْجُورِيَّا
سَنَعُودُ لِلأَحْلامِ عَبْرَ صَفَائِنَا
لِنَزُفَّ حُبًّا عَابِقًا وَرْدِيَّا
فِي «الحَجْرِ» أدْرَكْنَا الحَيَاةَ بَأَنَّهَا..
«حُبٌ» يُداعِبُ طِفْلَةً وَصَبِيَّا
وَحَنَانُ «أٌمٍّ» عَابِقٌ بِبُيُوتِنَا..
وَ «أَبٌ» يُظَلِّلُ عُشَّهُ الأُسَرِيّا
الشِّعْرُ طِفْلٌ فِي رُبُوعِ خَوَاطِرِي
مَا شَاخَ يَوْمًا بَلْ يَلُوحُ فَتِيَّا
وَبِرغْمِ هَذَا «الحَجْرِ» مِنْ سَقَمٍ بَدَا
مَا زِلْتُ ذَاكَ الشَّاعِرَ «الوَسْمِيَّا»
مَا كُنْتُ أَغْفَلُ عَنْ وُجُوهِ أَحِبَّتِي
إِنْ بَاتَ غَيْرِي فِي الحِصَارِ خَلِيَّا
لاَ يَعْزِفُونَ عَنِ الفُؤَادِ وَإِنَّمَا
لَبَّوْا نِدَاءً فِي الفُؤَادِ خَفِيَّا
فِي قَلْعَةِ الأَحْزَانِ فِي ظُلُمَاتِهَا
بِالشِّعْرِ أَفْتَحُ بَابِيَ السِّرِّيَّا
وَأَصِيحُ بِالْإِنْسَانِ لاَ تَجْزَعْ فَكَمْ
صَنَعَ الحِصَارُ مُخَلِّصًا وَنَبِيَّا
هِيَ رِحْلَةٌ لِلرُّوحِ نَحْوَ سَمَائِهَا
رَكِبَتْ لِذَاكَ بُرَاقَهَا القَلْبِيَّا
سَأَظَلُّ أَكْتُبُنِي بِرِيشَةِ عُزْلَةٍ
عَلِّي أَرَانِي فِي القَصِيدِ جَلِيَّا
فِي عُزْلَتِي تَأْتِي السَّمَاءُ إِلَيَّا
وَتُعِيدُ خَلْقِيَ كَوْكَبًا بَشَرِيَّا
فَأُضِيءُ فِي ذَاتِي.. أُضِيءُ كَأَنَّنِي
أَنْحَلُّ مِنْ ثِقْلِ التُّرَابِ عَلَيَّا
أَطْفَأْتُ قِنْدِيلَ الْكَلامِ كَأنَّمَا
رِيحُ العِتَابِ أَتَتْ بِرُوحِكِ فِيَّا
فِي الحَجْرِ أُشْعِلُ بِالتَّأَمُّلِ وِحْدَتِي
لِيَجِيءَ وَجْهُكِ رَاضِيًا مَرْضِيَّا
فِي عُزْلَتِي أَحْدُو الخَيَالَ قَصِيَّا
وَيَزِينُ بَيْتِي زَوْجَتِي وَبَنِيَّا
«الحَجْرُ» عَلَّمني الحَيَاةَ بِأَنَّنِي
أَحْيَا بِأَهْلِي فِي الهَوَى جُنْدِيَّا
مَا زِلْتُ في بَيْتِ القَصِيدِ مُحَلِّقًا
وَ «الحَجْرُ» يَصْغُرُ بَيتِيَ الشِّعْرِيَّا
هُوَ ثَابِتٌ قَبَضَتْ يَدِي أَوْتَادَهُ
إِنْ زِدتِّ أيَّتُهَا الرِّيَاحُ عِتِيَّا
الشِّعْرُ «وَحْيٌ» مِنْ سَمَاءِ مَشَاعِرِي
وَالحَجْرُ «غَارِي»، مُذْ خَلَوْتُ نَجِيَّا
صَوْتٌ يَجِيءُ إِلَى نَوَافِذِ مَسْمَعِي
أُكْتُبْ، فَأَمْلَأُ بِالْحَيَاةِ يَدَيَّا
يَا عَبْقَرَ الحَجْرِ المَهِيبِ تَحِيَّةً
فَعنَانُ شِعْريَ لَمْ يَعُدْ مَلْوِيَّا
«كُوفِيدُ» أَوْحَى فَانْتَشَيْتُ بِخَمْرَةٍ
لِلآنَ أَعْصُرُ ضَرْعَهَا الْعِنَبِيَّا
فِي الحَجْرِ يُمْكِنُ أنْ نُعِيدَ ذَوَاتِنَا
وَنَسِيرَ نَبْتَكِرُ الْحَيَاةَ مُضِيَّا
سَنَظَلُّ نَسْعَى لا حُدُودَ لِهَمِّنَا
لاَ بُدَّ أنْ نَبْنِي الخُلُودَ سَوِيَّا
مَنْ ظَنَّ أنَّ الحَجْرَ كهفُ تَعَاسةٍ
يَبْقَى رَهِينًا لِلْهُمُومِ شَقِيَّا
فَامْلَأْ ظَلَامَ الَوَقْتِ بِالأَمَلِ الّذِي
يَزْهُو عَلَى أُفُقِ الظَّلامِ ثُريَّا
إِنِّي وَإِنْ كَانَ الحِصَارُ يَلُفُّنِي
مَا زَالَ قَلْبِي بالجَمَالِ غَوِيَّا
أَدْرَكْتُ أَنَّ الحُبَّ جَائِحَةٌ وَمَا
بِسِواهُ نَخْلُقُ عالَمًا قُدْسِيَّا
فَالحُبُّ فَلْسَفَةُ الوُجُودِ، يَصُوغُنَا
بِالشِّعْرِ عَالَمَ «رِفْعَةٍ» عِلْوِيَّا
وَالشِّعْرُ - إِنْ خَلَتِ الْحَيَاةُ - مُؤَانِسِي
سَيَظَلُّ بِي فِي النَّائِبَاتِ حَفِيَّا
جدير ذكره أن الشعراء ولظروف الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي فقد قام كل شاعر بتصوير مشاركته صانعين بذلك حلقة سلسلة كل شاعر سابق يسلّم شعلة القوافي للشاعر اللاحق، مما كوّن فكرة عمل مشهدًا مصوّرًا ذاتيا قام بعدُ فريق فني بتجميع تلك المادة وربطها ببعض.
كانت تلك مبادرة شعرية رائعة وجميلة، وقد أكمل عقد جمالها المهندسان الرائعان اللذان شاركا في تخليدها لنا وللأجيال.
فقد شارك المهندس خليل المويل بقراءة نصّي المقدمة والخاتمة، واكمل ذلك الجَمال بتأليف موسيقى الخاتمة.
العمل الفني كان من مونتاج المهندس حبيب حسن المحيسن الذي أحسن منتجة العمل وإخراجه بشكل فني بديع.
لمشاهدة المبادرة الشعرية دونك الرابط التالي: