آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 12:45 م

اللقاح والدواء والطبيب

علاء محمد المسلم

سبحان الله وبحمده أن جعل الأرض مهادا، فنمت طبيعتها وعمر سكانها، فتعاقبت بعد ذلك بلاءاتها، ليمكث خيرها ويذهب زبدها، في حركة دؤوبة مطيعة لأمر ربها، ساعية لمستقر لها.

لم يتوقف الإنسان قط في حركة سعيه لإنتخاب قدراته وإمكاناته، فمرة يكون بتقوية بدنه والتكيف مع محيطه، وتارة بعصرنة فكره لقراءة زمانه، وتارة أخرى باتّباع طريق الحق وزهق الباطل وطرقاته، فالإنتخاب سنة الله في خلقة ليَمن على اللذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين.

أتفق بنو البشر على تطوير نتائجهم والإستفادة من تجاربهم، في ديمومةٍ من النماء وزيادةٍ في الرخاء. لكن دوام الحال من المحال، فللطبيعة كلمتها ودورها الأكبر في بناء هذه التجارب البشرية، التي تعاقبت على مر التاريخ ودونت في كتب السابقين، فهوت أمة وبزغت أخرى ليتداول الناس أيامهم، فلكل زمان دولة ورجال.

إن صراع وتبادل المنافع بين الطبيعة وبني آدم مستمر ولم يتوقف يوماً، فالماء ثار وخلف الفيضانات التي أودت بحياة الناس والقرى، فقاومها الإنسان بمجاري المياه وبناء السدود، كما ثار الآدمي بالصناعات واستهلاك الطاقات، فقاومت الطبيعة ذلك بنفاد الحديد وإذابة الجليد. كما ثارت المجهريات فخلفت الأوبئة والمعاناة، فقاوم الإنسان ذلك باكتشافه اللقاحات، لتدعيم مناعة الأبدان وحمايتها من الأدران، فأسس نظريات الطب الحديث بفهم الإنتخاب والتطور، ليتدبر سنة الله في خلقه وليعرف نفسه فيقف على مستودع سرّه.

وها نحن في هذا العام المتجدد من الصراعات، نجد كيف أن البشرية غارقة في بحوث اختباراتها، لإكتشاف لقاح يقي أبدانها وعلاج يبقي صحتها، مؤملين أطباءها ومتضرعين الى الله سبحانه في دعائها، لإنتخاب أفضل الحلول بفكر مضني وعمل مجدي، ينجيها من بلاء زمانها ويخلصها من الطبيعة وتطورها.

لكن، وعلى الرغم من اجتياز بني البشر لكثير من بلاء الدنيا والفوز بنعيمها، إلا أنهم في نهاية المطاف فانون، وإلى الآخرة هم راحلون. فياترى، ماهو لقاح هذا الفناء لحياة السعداء!؟ ومادواء هذا الرحيل لركب النجباء!؟ ومن هم الأطباء لدار البقاء!؟

إن مانبحث عنه نجده عند خِيرَة الله وابن خيرته، نعم! إنه الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام، فهو اللذي اصطفاه الله وانتخبه، لسعادة الدارين ونجاة الحياتين. فها نحن على موعد وعاشوراء محرم القادم، مع رحمة الله الواسعة وباب نجاة الأمة، فالسلام على ولي الله وحبيبه، وصفيه وابن صفيه، فهو اللقاح والدواء والطبيب.