آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 9:27 م

كيف نجعل جزيرة تاروت عاصمة للسياحة؟

مريم آل عبد العال *

يعتبر القطاع الخاص والأهلي المحرك الأكثر نشاطاً اليوم في صناعة السياحة. وفي ظل الرؤية الجديدة في المملكة ينتظر أن يلعب القطاع الخاص دورا محوريا في هذا المجال، حيث يعوّل عليه المساهمة في تنشيط الدورة الاقتصادية في جانبها الثقافي والترفيهي وخلق الوظائف. وبخلاف النقاشات الماضية التي ركزت دائما على الدور الرسمي في إعادة تأهيل قلعة تاروت الشهيرة والحي المجاور لها ”حي الديرة“، أود هنا أخذ النقاش إلى بُعد آخر أحسبه جديدا. يتمثل في تولي القطاع الخاص هذه المسؤولية، بإطلاق شركة مساهمة هدفها الأول إعادة تأهيل المنطقة التاريخية بتاروت بما يجعل منها وجهة سياحية عالمية، وعاصمة للسياحة في المنطقة الشرقية. وفي هذا عوائد كبيرة على المنطقة عموما.

ويتمثل العائد الأول على المستثمرين أنفسهم في تحقيقهم إنجاز تاريخي غير مسبوق محليا. وذلك بإعادة إحياء أبرز شواخص الحضارة القديمة في المنطقة، وفي القلب منها جزيرة تاروت. الجزيرة كانت من أهم المراكز الحضرية في الساحل الشرقي لجزيرة العرب، ومخزناَ كبيراً لمنتجات العالم القديم، وسوقاً للتبادل التجاري، إلى جانب ما تحمله من موروث ثقافي قديم ما زال بادياً على عادات أهلها وعمرانها، وتنوع الحرف الشعبية فيها، علاوة على ما تملكه من موقع استراتيجي وسط خليج تاروت، فهي مؤهلة لأن تكون وجهة بحرية بالقوارب من المدن الساحلية المجاورة، أو برية على السواء. إن تأهيلها بالعوامل المناسبة لمكوناتها تلك من فنادق ومتاحف ومطاعم ومقاهي ومسارح لفرق الموال والفنون ومعارض للحرف الشعبية وبرامج ترفيهية كالألعاب المائية والجولات البحرية وغيرها جدير بجعلها وجهة أولى للسياحة تعود على رجال الأعمال المستثمرين بالخير الكثير.

أما العائد ثاني فيتمثل في تخليق مئات الوظائف المباشرة وغير المباشرة لأبناء الوطن. إن بناء المشاريع التجارية والسياحية في جزيرة تاروت سيفتح المجال أمام الباحثين عن العمل، وتمهير الأيدي العاملة، التي تحقق صنع الواجهة والهوية الوطنية، إلى جانب تمكينهم من تقديم المشاريع الناشئة، واستثمار الفرص السانحة التي يمكن لها تشغيل المشاريع على أكمل وجه، واستشعار الانتماء إلى المكان، سواء في مجال وظائف الضيافة السياحية، أو الحرف، أو الأسر المنتجة، أو حتى الشراكات المساهمة. والرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام شجع على ذلك في حديثه ”خيركم خيركم لأهله“.

كما أن هنالك عائد الاستثمار طويل الأجل. وهو العائد الثالث على المستثمرين. ويعتبر الاستثمار طويل الأجل الذي يتمتع بدرجة أمان أكبر ومخاطرة أقل. ولعل أقرب الأمثلة لنا هو تطوير جبل القارة في الأحساء ضمن مشروع ”أرض الحضارات“ التابع لشركة الأحساء للسياحة، والذي خضع للتأهيل من خلال تأسيس متحف ومطاعم مجاورة ومسارح داخلية، وفرض رسوم دخول، وهي عوامل خلقت مشروعا سياحيا جاذبا متنوع المرافق. وهذا ما يمكن إجراؤه على ”ديرة تاروت“ بتحويلها إلى قرية سياحية مغلقة، حيث تمثل بيوتها التراثية متحفاً قائما، وتوظيف المرافق الترفيهية فيها ممكناً، علاوة على موقعها المميز بجانب قلعة تاروت الأثرية. خاصة وأن جزيرة تاروت مخزن كنز تراثي في المنطقة الشرقية، إهماله يعني استهانة بالعائد الاقتصادي الذي ستوفره للسياحة الداخلية.

يعرف الجميع أن لدى جزيرة تاروت فرصة سانحة للتحول إلى وجهة سياحة عالمية. ولعل أحد السبل الممكنة لتحقيق هذا الهدف هو تأسيس شركة سياحية مساهمة تأخذها لمرحلة السياحة المنظمة، عبر تشجيع رجال الأعمال على اقتناص هذه الفرصة، دون أن نغفل الدور الرسمي في هذا الصدد لجهة منح التراخيص وتسهيل قيام هذا المشروع على أكمل وجه، بانتظار الاحتفال بتاروت عاصمة للسياحة المحلية.














 

كاتبة صحفية - إعلامية وناشطة في مجموعة قطيف الغد