حينما ينساكَ الأقربون!
في الحياةِ حكاياتٌ تُبكي الأباعدَ والأعادي ومن هذه الحكايات نسيان الأقاربِ أقاربهم، فلا سلامَ ولا كلام، ثم يموتون ومن يدري كيف يموتون! هذه حادثةٌ حدثت قريبًا جدًّا رغبتُ أن أشارككم إيَّاها خيفةَ أن تحصلَ عندنا. وأكاد أجزم أنها لا تحصل - مطلقًا - لأننا مهما اشتدت ضراوةُ العداوة، تبقى فينا صبابة وبقيَّة من ضمير!
اكتشفت الشرطة البريطانيَّة رفاتَ سيِّدة في لندن، بعد إبلاغِ الجيران عن رائحةٍ كريهة مستمرَّة منذ نحو عامين. وذكرت صحيفة ”ديلي ميل“ البريطانيَّة أن شرطةَ لندن عثرت على بقايا هيكلٍ عظميّ لامرأةٍ تبلغ حوالى 60 عامًا، داخل شقَّة في منطقة بيكهام بالعاصمة البريطانيَّة، قبل يومين «من نشر الخبر».
ومما أثار الرِّيبة في القضيَّة أن صندوق بريد المرأة كان مليئًا بالرَّسائل دون أن تُقدم هي أو أي شخص آخر على أخذ تلك الرَّسائل. ولاحظ السكَّان وجود إشعار فحصٍ إلزاميّ للغاز على باب الشقَّة عام 2020م، دون أن يحدث شيء. وكان الجيران يشكون من رائحةٍ كريهة في المبنى، الذي كانت تسكن فيه السيِّدة الميتة، منذ أكتوبر عام 2019م، لكن ضبَّاط الشرطة لم يشقوا طريقهم صوب شقَّة السيِّدة المتوفاة إلا قبلَ يومين «من نشر الخير».
تقولون: حكاية تُمرض القلب وتُضجر الرّوح، نحن نعرف الله ونسمع قوله وأبعد من هذا بكثير؟! لا تستغربوا كثيرًا إن سمعتم أنَّ فينا من يتمرد ويقطع ما أمرَ اللهُ به أن يوصل!
الأهل عزّ وجناح ويد وسند، كيف يتركون بعضهم؟! يقول الإمامُ عليّ «عليه السَّلام»: أيها النَّاس، إنه لا يستغني الرَّجل - وإن كان ذا مال - عن عترته «عشيرته»، ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم، وهم أعظم النَّاس حيطة من ورائه وألمهم لشعثه، وأَعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به ولسان الصِّدق يجعله الله للمرءِ في النَّاس خير له من المال يرثه غيره. ألا لا يعدلن أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدَّها بالذي لا يزيده إن أمسكه، ولا ينقصه إن أهلكه، ومن يقبض يده عن عشيرته، فإنما تقبض منه عنهم يدٌ واحدة، وتقبض منهم عنه أيدٍ كثيرة، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودَّة «المحبَّة».
حقًّا، خجلتُ من كوني إنسانًا حين قرأتُ الخبر، فكونوا ممتنينَ وشاكرينَ لله أن جعلَ في قلوب أرحامكم جميعًا المحبَّة والمودَّة ولم يجعلها قاسيةً كالحجارة! ألم يكن لها ولد.. ابن.. عمّ.. خال.. أخ.. أخت؟!
