آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

الهيمنة والخضوع

سوزان آل حمود *

مدرسة الأيام ليست كغيرها... فدروسها عِبر واختباراتها عُمر، ومؤلفها أنت، وصفحاتها أيامك... أخطاؤها لا تمحى، وعلمها لا ينسى، ونجاحها تعيشه، ورسوبها يعيشك.. تبدأ مع عقلك وتنتهي في قبرك... تلك أهم دروس هي دروس حياتك...!

العَقل والقَلب مُتضادان مُتكاملان، فالعقلُ امتازَ بالصَلابة والقُوة، إذ يرتكزُ دَائماً على المنطقِ والاستِدلال، ويحكُم في مُختلف القَضايا وفقَ مَعايير جَازمة، بينمَا اختصَّ القَلب باللينِ واليُسر، وَكلاهمَا لا غِنى للإنسَانِ وبنائهِ الروحِي عَنهما، فصلابةُ العَقل تلطفُها رقّة القَلب، ولِين القَلب يُهذبه تَدبير العَقل. يَعيشُ الإنسَان في حَياته بِمحركات مِن مُقتضى حِكمته وفَيض مشاعره، أي أن عَقله وقَلبه هُما اللّذان يُحددان سُلوكه ويستَأثران في طبَيعةِ مَساره وَفعالياته. قَد يَختلف العَقل عَن القَلب تبِعاً لانقسَامه الذاتيّ وَمن ثُم الخَارجي، حيثُ أنَّ المُتعارف عَليه بأنَّ العَقل يرتبطُ بالمَاديات والعَاطفة بالمَشاعر.

وفيمَا يَتعلق بمشَاعر الحُب وَالتَقدير؛ فلا بد من استخدَام العَقل أولاً للاقتناعِ بالفكرَة والهَدف، بمعنى أنَّ القَلبَ يحتاجُ إلى ما يَستوثقه بأنَّ الشَخص الذي حازَ عَلى مَشاعر الإعجَاب والاهتمَام يَستحقُ ذلك، وإذا كانَ العَقل هوَ وقودُ العِلم والمَعرفة؛ فإنَّ القَلب هوَ صُندوق المَشاعر لسَكينة الإنسَان ولصَالح استِقراره النَفسي والفِكري والمَادي، وَقيلَ ضَع قَليلاً مِن قلبكَ عَلى عَقلكَ فَيلين، وَضع قليلاً مِن عَقلكَ عَلى قلبكَ فيستقيم.

هل تعلم أن الإنسان يمتلك القدرة على التحكم في مشاعره بشكل أكبر مما يظن الكثيرون، وأن العقل مسؤول عن صنع المشاعر، لذا فالإنسان لا يقع تحت سيطرة مشاعره، بل يمكنه التحكم فيها.

الشّعور هو جزء أساسيّ وهامّ من كياننا البشريّ، وهو ذو أهمية تطوّرية كبيرة. فالشّعور بالخوف والحالة الفسيولوجيّة التي ترافقه يتيحان لنا الاستعداد بشكل أفضل لظروف تتطلّب مواجهة صعبة. فبفضل هذا الشعور، يرتفع ضغط الدّم، عدد نبضات القلب، والتّركيز قبل امتحان هامّ، أو عندما يتوجّب علينا الهروب من الخطر.

يعتقد البعض أن القلب هو المسؤول عن السيطرة على الجسم، وعلى المشاعر والعواطف، لكن ذلك اعتقاد خاطئ، فالمسيطر على الجسم هو المخ.

فالمشاعر هي تناغم بين القلب والجسد والدماغ.

إذا من له الهينة علينا؟ ومن له الغالبية بالخضوع؟!

أما العلم حديثًا ينظر إلى القلب على أنه مجرد مضخة ميكانيكية تضخ الدم عبر الشرايين والأوردة، ولكن في الآونة الأخير، بدأ العلم بالتطور والتغير، حيث أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة في مجال علم الأعصاب القلبية أن للقلب دور أكبر من مجرد ضخ الدم، فقلب الإنسان يحتوي على شبكة معقدة من الأعصاب تشكل نظام عصبي فعلي، وتقوم هذه الخلايا العصبية بإرسال الإشارات العصبية من القلب إلى الدماغ، وبذلك يعملان معًا، كما اكتشف العلماء وجود مسارات عصبية في القلب لها دور في تحفيز أو تثبيط النشاط الكهربائي في الدماغ.

كما يمكن اعتبار القلب غدة صماء، حيث يقوم بإفراز الببتيدات التي تحفز نشاط الغدة النخامية، بالتالي تقوم بإفراز مختلف الهرمونات ومنها الأوكسيتوسين، حيث يلقب هذا الهرمون ب“هرمون الحب”أو“هرمون العاطفة والترابط”، وهذا ما يدل على أن للقلب دور في المشاعر حتى لو كان الدور صغير

وفي النهاية يمكن أن نقول إن المخ هو المسؤول عن مشاعر الحب بشكل كامل، والذي يرسل الأوامر إلى جميع أعضاء الجسم بما فيها القلب، فالمخ يصدر أوامر إلى غدة الهيبوثيلاموس والغدتين النخامية والصنوبرية ليتحكم بدقة في مشاعر الحب والكره والسعادة والحزن والرضا والغضب والجوع والعطش وغيرها من المشاعر الإنسانية، اذًا المخ هو المهيمن على القلب وما على القلب والأيام إلا الخضوع والاستسلام.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
فهد الراجح
[ جدة ]: 29 / 3 / 2022م - 10:06 م
كل ماذكرته صحيح ، وأنت كاتبة محترفة اتمنى لك مستقبل باهر في الكتابة ، وانا من القرلء الدائمين لكل ماتنشري بالتوفيق استاذتنا المتألقة