آخر تحديث: 5 / 5 / 2024م - 12:56 م

الطبيعة في القطيف بين لوني الأزرق والأخضر!

لا تنظر إلى طبيعة القطيف في الخامسة مساءً في أيام شهر رمضان، لأنك لن ترى إلا السيَّارات التي تقطع الشوارع مسرعةً قبل غياب الشمس، ولن تسمع إلا أبواق السيَّارات يطلقها سائقون عجلون، فإذا أحببت أن تعرف جمال الطبيعة - في منطقة القطيف وما حولها - خذ جولة في الصباح قبل أن يستيقظ النَّاس من نومهم!

في ذلك الوقت، الشوارع خالية من حركة السيارات والمشاة، والرياح تهب تارة وتنقطع تارة أخرى. كلما هبَّت امتدَّ الموجُ الأزرق معها نحو الصخور، وكلما هدأت راح الموج بعيدًا يناجي من اعتاشوا من البحر على أسماكه ودرره من البحَّارة والغواصين. وإن أنت أصختَ السمعَ سوف تعرف أن الله يخاطبنا في كلِّ شيء، ﴿وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمَاً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرىَ الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيْهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . أما عن الطيور العابرة بين الفينة والأخرى - والمقيمة - وإن بدا بعضها أسود قاتم من فصيلة الغربان، إلا أنَّ في كل شيء آية من جمال الله الصانع المبدع!

شيئان اختص الله بهما - منطقة القطيف وما حولها - يلحظهما القادم من الخارج، البحر والزرع! وفي هذه الأيام من شهر نيسان استيقظ الزرع الذي كان في سبات الشتاء، وبدت النخيل مزدانة بأحمالها، منتظرة فصل الصيف ليكمل نضج وتمام حملها في ألوان ومذاقات مختلفة، تنافسها على بداعة المنظر أشجار التين واللوز والحمضيات. منظران لا تستطيع الكلمات مهما نمقتها وحسنتها أن توفي حقهما من الوصف، إلا أن يرى الزائر ذينك المنظرين رأي العين!

مفهوم أن الزمن تغير فلن يكون لا البحر ولا النخل مصدرًا للدخل والعمل بشكل كبير، مع ذلك علينا أن نحافظ على ما بقي من عطايا الله. قدر ما نستطيع أن نبني لا نهدم، نغرس ولا نقلع، نزيل المخلفات البشرية ولا نرمي. لو تأملنا ما يعطي الله من أجر على الاعتناء بالبيئة، البحر والزرع، لاتخذنا من العناية بهما عبادة وعادة!

لا يسعني عندما أكتب عن البحر والزرع في خاطرةٍ واحدة إلا تذكر والدنا والجيل الماضي من أقرانه، قضى كل عمره بين الزرع والبحر. ولما كبر قلنا له: يا والدنا استرح من هذه الخدمة الصعبة! لم يتركها وكان لسان حاله يقول: كيف أتركها وأنا أعبد الله في البحر؟ كيف أتركها وأنا أعبد الله في الزرع؟

حقًّا إنها عبادة جميلة، ”ما من مسلمٍ يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة إلا كانت له به صدقة“. أنا وأنت نستطيع أن نعبد الله في البيئة بألفِ طريقة وطريقة سهلة، فقط لو أردنا! الطبيعة مسجد أرحب يتسع فناؤه لكل من يرغب أن يعبد الله فيه ”من نصب شجرة وصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر، كان له في كل شيء يصاب من ثمرها صدقة عند الله“.

مستشار أعلى هندسة بترول