آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

سيدة الطهر والعفاف خديجة (ع)

حكيمة آل نصيف

هناك من الأسماء ما إن تذكر أو نسمعه ترتسم في مخيلتنا شخصية ذات صفات صنعت منها نموذجا يفتخر به كل من له صلة من قريب أو بعيد بهذه الشخصية العملاقة بأفعالها وسلوكها وإيمانها، فتكون كالنجم اللامع الذي يبهر كل من يراه،من هذه الشخصيات السيدة الجليلة خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها.

هذه السيدة العظيمة ذات الشخصية الإيمانية الرسالية التي ساهمت في التبليغ الرسالي وإنجاح الدعوة الإسلامية بكل ما تملك، فكانت ركيزة من ركائز الدين الإسلامي الحنيف ويتضح ذلك من قول رسول الله ﷺ «ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف عليّ بن أبي طالب عليهما السلام»،

وبالرغم من كل الصعاب التي عايشتها هذه السيدة الجليلة إلا أنها أثبتت للجميع - بما قدمته من مواقف تفوق قدرة أي شخص - على أنها محط العناية الإلهية، وأنها ليست سيدة عادية وإنما هي ممن اصطفاهم الله وزودهم بكمالات لا يحملها الإنسان العادي، بل هي بما تملك من أخلاق وصفات ربانية ونشأة في بيئة إيمانية هدفها رضا الله وطاعته رسوله ﷺ فانعكس ذلك كله في نصرتها لدين الحق، ولو تمعنا قليلا في سيرتها لوجدناها شخصية تختلف اختلافا تاما عن نساء زمانها اللاتي عشن تحت وطأة الجاهلية وأفكارها المنحرفة عن جادة الطريق، فقد كانت مولاتنا السيدة خديجة من الموحدين مؤمنة بدين التوحيد وهو دين آبائها وأجدادها.

وبالرغم من تجارتها وأموالها الضخمة إلا أنها أبت أن تكون كمجتمعها الذي انتشر فيه حب المال وجمعه حتى بالطرق الغير مشروعه كالربا والمعاملات المحرمة.

بل حفظت نفسها كامرأة لها كرامتها وعزتها التي رفعها بها الله عز وجل، فكانت بما وهبها الله من عقل وحكمة حازمة في إدارة شؤون حياتها في مختلف الجوانب.

حتى على المستوى الاجتماعي أظهرت تليا كماليا، وذلك أنه قد طمع الكثير من رجالات قومها في الارتباط بها، إلا أنها اختارت يتيم آل أبي طالب ﷺ قبل أن تعرف بأنه هو رسول الله، فقد آثرته على سادات قريش وأكبر رجالاتها، لما لمسته منه من طيب النسب «وهو ابن عمها» والأخلاق الرفيعة والسمات والمزايا الكمالية التي اتصف بها ﷺ.

ومن هنا بدأت المصاعب والهجوم عليها من أكابر قريش رجالها ونسائها حتى ضاقت منهم الويلات والآلام التي يعجز عن تحملها الرجال البواسل،

فلو تأملنا ما جرى عليها من تضييق وحصار ومشقة، كل ذلك التحمل لم يكن لأمور دنيوية وإنما هدفها من وراء ذلك الصبر والتحمل نصرة لدين الحق ومحبة لخاتم الأنبياء والمرسلين الذي سعت لنصرته وتأييد مواقفه وتثبيت لدعوته بأموالها ونفسها وصحتها حتى ماتت مهمومة مغمومة قد نحل جسدها مما وقع عليها من ظلم وعدوان، إلا أنها لم تهن ولم تستلم وترضخ لضغوط قريش ومطالبهم الجائرة.

فكانت نعم المؤمنة برسالة محمد بن عبدالله المجاهدة في سبيل نصرة دين الله، وهذا درس لنا في نصرة الدين من خلال المحافظة على تعاليم النهج القويم للقيم المحمدية والسير في طريق الحق ومقاومة طريق الفساد والطغيان، كما وقفت سيدتنا خديجة بنت خويلد صامدة في وجه طواغيت قريش ناصرة لرسول الله ودينه، ولتكن السيدة خديجة قدوتنا في صلاح كل أمورنا التي تقربنا من الله عز وجل.