آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 5:28 م

كيف يسجن الأدباء السعوديون ذواتهم في تويتر؟

علي العرفج *

لقد كسرت فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي سيطرة الجرائد الورقية وإلى الأبد على إنتاج المثقفين وفتحت المدى أمام من لا شلة له.

كانت البداية عبر المنتديات الإلكترونية في مطلع الألفية بعد انتشار استخدام شبكة المعلومات «الإنترنت» عبر كل قارات العالم.. لتبرز لاحقا من 2005 برامج أكثر تفاعلية كالفيسبوك وتويتر وغيرهما.

ولأسبقية فيسبوك ولتقديمه خدمات أكثر انتقل المستخدمون من دوائرهم الضيقة «المنتديات الإلكترونية» إليه لانفتاحه على الآخر المختلف جوهريا.

مكث المستخدمون «وهنا سأشير إلى السعوديين تحديدا» فيه غير كثير ليهاجروا تباعا وفي فترة قصيرة جدا بعد صعود نجم برنامج آخر أطلق على نصوص المستخدمين اسما ذكيا فعبر عن المشاركة بأنها «تغريدة» وأن المغرد هو «طير» محلق وهو بهذا قد ناغى في العقل الباطن ثيمةَ الحرية في جوهر الإنسان؛ لكنه في نفس الوقت زَمَّ مدى التغريدة بكلمات معدودات بناءً على طبيعة الإيقاع السريع للزمن الجديد الذي ربطت فتراته الوقتية أقمار صناعية فوق السماء وكابلات هائلة تحت الماء.

ثم قد نشأ جنس أدبي تعبيري مكثف بسبب محدودية مساحة الكتابة لكن لم يغنِ بأي حال من الأحوال عن البسط والشرح والإسهاب ليعطي بعد ذلك إمكانية بناء متوالية تغريدية توافق المستخدمون على تسميتها «بالثريد» لكنها غير طبق الثريد العربي الذي ابتكره سيد قريش والعرب هاشم بن عبد مناف.

في نفس الوقت كانت تتكاثر البرامج والتطبيقات الإلكترونية لتتخصص في طرق التعبير والتواصل غير أن برنامج الفيسبوك لم يغفل عن كل ذلك فصار يلاحق التحديثات والتغيرات ويواكب كل جديد لكنه أخفق في إعادة الأديب السعودي إلى فضائه الأزرق على الرغم من أنه يحظى بالعدد الأكبر من المستخدمين على امتداد الكوكب.

بإلقاء نظرة سريعة على خارطة المستخدمين العرب تحديدا نجد أنهم على قسمين:

- العراق والشام واليمن ومصر والمغرب العربي من سكان فيسبوك.

- السعوديون وبعض الخليجيين «وهم قليل» من سكان تويتر.

في تويتر يتنامى يوميا الحراك الثقافي الاجتماعي السياسي من قبل السعوديين فهم أسياده في المنطقة العربية بلا منازع بل يقل أن تجد سعوديا لا يحمل هوية تويترية حتى أضحت مفردة «تغريدة» بوزن وسعة مفردة «أبشر أو تم».

وبالمقابل يقل أو يندر حضورهم وتفاعلهم على فيسبوك.

في الاتجاه المقابل ينشط حضور العراقيين والشاميين واليمانيين والمغاربة على فيسبوك يفتحون آفاق تفاعلاتهم وحراكهم على مديات متنوعة. وهنا تشكلت الفجوة التواصلية بين سكان تويتر وفيسبوك فكثير من الأدباء خارج جزيرة العرب يطرحون انتاجهم الأدبي على فيسبوك ويكون تفاعلهم بين من ينشطون في نفس البرنامج ويغيب القلم الأدبي النقدي السعودي عن المشهد. والعكس صحيح.

هنا تحضر مجددا ثنائية عرب المركز الثقافي/السياسي/الاجتماعي «بغداد دمشق بيروت القاهرة + اليمن والمغرب» مقابل عرب الأطراف «مدن النفط» والتي للتنويه الضروري للقارئ العزيز أنني لا أتفق معها.. لكنها طرحت على الدوريات العربية الورقية في التسعينات، فهل تحضر تلك الثنائية في الساحة الأدبية تحديدا مع تبادل المواقع ليكون المركز طرفا والطرف مركزا؟

أم أنه يجب على الجانبين أن يجسروا ما بين الضفتين -  وأرى أن يبادر السعوديون بذلك -  ليرفعوا مدى الفضاء الثقافي العربي بتغريداتهم ذات الصدى الصوتي الواسع بأن يبقوا على قوة حضورهم في توتير لتنشيط الساحة السعودية وفي الوقت ذاته ينزلوا في كل المواسم ببيوتهم «الشِعرية والشَعرية» التي تنامت وزهت بعد عقود من الارتياح المعيشي؛ أقول أن ينزلوا في الفيسبوك لينشطوا تواصل الساحة الأدبية العربية.

لعمري إن ذلك فتح عظيم لو تم.

ملاحظة: لا تعلمون ربعي السعوديين خاف يزعلون علي.

معلم في وزارة التعليم الأحساء