آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

”أبو مغوي“ و ”سيرين“: أسطورتا الإغراق في البحر

الدكتور أحمد فتح الله *

”أبو مغوي“ من الأساطير المشهورة في تاريخ المجتمع القطيفي يقوم بمناداة البحارة لحتفهم غرقًا. وقد فصَّل الباحث عبد الرسول الغريافي في مقاله المثري والماتع عنها في علوم القطيف بعنوان ”خور أبو امغوي بين الأسطورة القطيفية والحقيقة الواقعية“ [1] ، وصورها الفنان المبدع محمد الجشي في لوحة خلّابة بعنوان: ”فنتازيا 2021: من الأساطير القطيفية «أبو مغوي»“ [2] .

وتحاكي أسطورة ”أبو مغوي“ في الثقافات الأخرى، القديمة والحديثة، أسطورة ”سايرن“ «Siren» التي تعود أصولها إلى الأساطير اليونانية، وفيها ”سايرن“ نوع من حوريات البحر، بجسد بشري في جزئه الأعلى «من الخصر إلى الرأس» وجزؤه الأسفل «من الخصر إلى القدمين» جسد طير، تغري البحارة إلى هلاكهم بأغانيها الساحرة.

كانت تلك الأغاني لا تقاوم لدرجة أن البحارة عند سماعها ينجذبون إلى الإبحار بالسفينة بالقرب من الشاطئ والاصطدام به أو القفز إلى وسط البحر العميق فيغرقون. وفي ”معجم أكسفورد للطالب“ «Oxford Learner Dictionary» غنائها الجميل يجعل البحارة يبحرون نحوها قرب الصخور أو المياه الخطرة. في الأوديسا «Odyssey» للشاعر الأغريقي هوميروس «هومر Homer»، يملأ البطل أوديسيوس «Odysseus» آذان بحارته بالشمع كي لا يسمعون أغاني ”سايرن“، بينما يربط نفسه بالصاري «عمود الشِّراع» لينجو. وكذلك تظهر حوريات سايرن في قصيدة ملحمية يونانية أخرى تسمى ”الأرجونوتيكا“ «The Argonautica»، وفيها الموسيقار الأسطوري أورفيوس «Orpheus» يتمكن بالعزف على القيثارة من مساعدة البحارة على النجاة من أغاني سايرن.

بفضل تراث الأسطورة اليونانية، التي انتقلت لثقافة الحضارة الغربية، صارت هذه الحالات الإغوائية بالغناء والجمال تعرف ب ”Siren Song“ «أغنية سايرن» [3] . وسريعًا غدت استعارة لشيء قوي ولكنه مغرٍ بشكل مخادع. لذا نرى في معجم ماريام ويبستر «Merriam Webster Dictionary»، على سبيل المثال، أن عبارة ”أغنية سايرن“ «Siren Song»، والتي تعني جاذبية مغرية، والإغراء المخادع، تستخدم للإشارة إلى جاذبية شيء مغرٍ ولكنه أيضًا قد يكون ضارًا أو خطيرًا، كما في تعريف «معجم أكسفورد للطالب» لكلمة ”سايرن“. وكما صُوِّر ”أبو مغوي“ في فلم سعودي يحمل إسمه، في السنوات القليلة الماضية حملت ”أغنية سايرن“ «Siren Song» اسمًا لفلمٍ سينمائي ومسلسلٍ تلفزيوني، وأغاني طربية وعنوانَ قصائد شعرية، منها على سبيال المثال، قصيدة للشاعر الإنجليزي المعاصر هيوغو ويليامز «Hugo Williams» [4] .


[1]  انظر الرابط: https://www.qatifscience.com/?p=13833

[2]  انظر الرابط: https://twitter.com/paintingx11/status/1476538278094516227

[3]  كلمة ”سايرن“ «Siren» في اللغة الإنجليزية المعاصرة، تعني صوت صفارات الإنذار، وسيارات الإسعاف والمرور والأمن، ومجازًا تعني الإغراء بفعل شيء يبدو جذابًا للغاية ولكن سيكون له نتائج سيئة، وكذلك يراد بها امرأة جميلة جدًا «جذابة» ولكنها خطيرة أيضًا. وأصل الكلمة الحالية آتية من اللغة الإنجليزية الوسطى «Middle English» ”Sieren“ بمعنى ”نوع وهمي من الأفاعى“، دخلت لها من الفرنسية القديمة، ”سيرين“، وهي من اللاتينية المتأخرة ”سيرينا“ «مؤنث سيرين اللاتينية»، الآتية من اليونانية سيرين [Seirēn] «معجم أكسفورد للطالب».

[4]  انظر ترجمتها العربية في صحيفة ”صبرة“ على الرابط: https://www.sobranews.com/sobra/200263

وكذلك في ”علوم القطيف“ على الرابط: https://www.qatifscience.com/?p=19229
تاروت - القطيف