آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 2:29 م

شهر صيام لا رهبانيّة مبتدعة!

ليلى الزاهر *

شهر رمضان هبة عظيمة من الله تعالى، يمنحنا بركاته، ونتقلّب فيه بين رحمة الله وغفران الذنوب، تسبقه البشارات للصائمين، فنغفو والملائكة تستغفر لنا ونمشي بخطوات تقربنا الله وتباعدنا عن غضبه.

وشهر رمضان الذي نصومه كلّ عام أُقرّ ونُسخ بعد تحريم أنواع متعددة من الصيام

فقد كان رسول الله ﷺ عندما يسمع عن نفر من أصحابه انقطعوا للعبادة فامتنعوا عن أكل اللحم والنساء، وصاموا النهار وقاموا الليل يقصدهم إلى منازلهم يعظهم ويهديهم. ويذكر التاريخ مقولته لعثمان بن مظعون عندما علم أنه عزم على صيام الوصال وترك ملذات الدنيا برمتها فاتجه لمنزله وخاطبه قائلا: «ياعثمان، أتريدون دينا خيرا من ديني، والله لوكان أخي موسى حيّا لما وسعه إلا اتباعي، انظروا ماذا أفعل إني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء وأكل وأشرب»

وفي وصيته للإمام علي قال: وصوم الدهر حرام.

ومن الصيام الذي ألغاه الإسلام هو صوم الصمت والامتناع عن الكلام وقد أشار القرآن الكريم إلى وجوده في الشرائع الأولى قبل الإسلام في قصة نبي الله زكريا والسيدة مريم إذ يقول الحق تعالى:

﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا «سورة مريم: 26»

وقد ألغاه الإسلام لما يتبعه من العسر ومنع الإنسان من ممارسة حياته الطبيعية إذ يُصبح كالأبكم والأخرس يتعذر عليه إدارة عمله وكسب رزقه، وهذا ضد مايسعى إليه الإسلام في فرض الشارع المقدس لصيام شهر رمضان.

إن بعض ما نُسخ من الصيام في الإسلام يعدل صيام الدهر مثل صيام ثلاثة أيام متواصلة وصيام أيام البيض وصيام الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، ووصل شعبان بالشهر الفضيل وهذا يتفق مع ما أشار إليه الرسول الكريم حينما قال: «إنما بُعثتُ بالحنيفية السمحة لا بالرهبانية المبتدعة»

من أجل ذلك اعتاد الناس في أيام الشهر الفضيل أن يتفقدوا أحوال بعضهم البعض ويحرصوا على زيارة أقاربهم وتهنئتهم بحلول أيام الشهر الفضيل.

ومن بذور الشهر الفضيل خرجت أشجار شاهقة استاطعت التظليل على المجتمعات المسلمة من أشعة جفاف الحاجة وشحّ العوز، فخرج مشروع إفطار صائم والسلّة الرمضانية وغيرها من وجوه الخير، فلا يكفينا من شهر رمضان الصيام والانقطاع للعبادة وإنما لبّ العبادة وأفضلها قضاء حوائج الناس.

نسأل الله أن يوفقنا لصيامه وقيامه بما يُرضي الله تعالى.